للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[في أسفاره]

يدعو الورتلاني إلى الأسفار وكثرة الانتقال في جميع أطراف العالم، أمور أولها طبيعته: الاجتماعية التي نشأ عليها، وترعرع في حب الإستطلاع والدراسة والوقوف على أحوال العالم، في مختلف بيئاته وأجناسه وأحواله، من هنا كانت معارفه الاجتماعية، وخبرته بشؤون الشعوب في غاية السعة والنضوج.

ثانيها: رسالته العامة الشاملة، التي لا تقف عند حد الإقليمية أو الجنسية أو المذهبية، ففي كل أرض يشكو أهلها ظلم الظالمين، رجوع إلى الحرية والانطلاق، له إليها حنين، فكأنها رحم له بالفعل، يشترك مع أهلها في الآلام والآمال، ويشترك معها في الأعمال، ثالثها: إيمانه العميق بوجوب إتحاد المستضعفين من أبناء هذا الشرق المسكين، ولا سيما العرب والمسلمين، حتى يتخلصوا من وباء الاستعمار، فيسعدوا أنفسهم وتسعد الدنيا بهم، فهو شغوف بالدعوة إلى هذه الفكرة، وكان لا بد لتحقيق ذلك من أسفار وانتقال، رابعا: وهي الأهم عنده، هي حاجة وطنه الأول المغرب العربي إلى الدعاية في جميع أقطار الشرق، هذه الأقطار التي كانت مع الأسف، تجهل كل شيء عن تلك البلاد المجاهدة المظلومة. وقد يكون حالهم معها أقبح من مجرد الجهل لشؤونها، بل ربما كان أكثر المثقفين من طريق أوروبا، يعلمون عنها ما هو مخالف لحقيقتها وواقعها تماما، ومهمة رفع هذا الجهل، أو تصحيح ذلك العالم الخاطئ في أقطار تعد مساحاتها بعشرات الملايين، وسكانها بمئات الملايين، أمر فوق طاقة الفرد بكثير، ولكن الورتلاني واجه هذا الواجب الضخم وحده، يوم لم يكن في هذا الشرق من إخواننا المغاربة سواه.

<<  <   >  >>