للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يميز بين هذا وهذا فليبك على حياة قلبه فإنه من الأموات وعلى نوره فإنه منغمس في بحار الظلمات".

"وأما طب الأبدان فإنه نوعان:

نوع قد فطر الله عليه الحيوان ناطقه وبهيمه فهذا لا يحتاج فيه إلى معالجة طبيب كطب الجوع والعطش والبرد والتعب بأضدادها وما يزيلها.

والثاني: ما يحتاج إلى فكر وتأمل. . . ." وقد ذكر ابن القيم له ثلاث صور (١).

وكان علاج الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمرض ثلاثة أنواع:

أحدها: بالأدوية الطبيعية، والثاني: بالأدوية الإلهية، والثالث: بالمركب من الأمرين (٢)، وقد نبه ابن القيم -رحمه الله- إلى أمر مهم حول هذه الأدوية التي دل عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: "وهذا إنما نشير إليه إشارة؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث هاديًا، وداعيًا إلى الله وإلى جنته، ومعرفًا بالله ومبينًا للأمة مواقع رضاه وآمرًا لهم بها ومواقع سخطه وناهيًا لهم عنها، ومخبرهم أخبار الأنبياء والرسل وأحوالهم مع أممهم، وأخبار تخليق العالم وأمر المبدأ والمعاد، وكيفية شقاوة النفوس وسعادتها وأسباب ذلك. وأما طب الأبدان، فجاء من تكميل شريعته ومقصودًا لغيره، بحيث إنما يستعمل عند الحاجة إليه، فإذا قدر على الاستغناء عنه كان صرف الهمم والقوى إلى علاج القلوب والأرواح، وحفظ صحتها ودفع أسقامها وحميتها، مما يفسدها هو المقصود بالقصد الأول، وإصلاح البدن بدون إصلاح القلب لا ينفع، وفساد البدن مع إصلاح القلب مضرته يسيرة جدًا، وهي مضرة زائلة تعقبها المنفعة الدائمة التامة وبالله التوفيق" (٣)، وينبه أيضًا على سبب ذكره لهذه الأدوية من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ولعل قائلًا يقول: ما لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما لهذا الباب وذكر قوى الأدوية وقوانين العلاج وتدبير أمر الصحة؟. وهذا من تقصير هذا القائل في فهم ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإن هذا


(١) زاد المعاد ٤/ ٧ - ٨.
(٢) انظر: المرجع السابق ٤/ ٢٢، وانظر: فتح الباري. . . .، ابن حجر ١٠/ ١٣٤ حيث نقل أغلب كلام ابن القيم.
(٣) زاد المعاد ٤/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>