للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ موضوع الفائدة الربوية مساحة كبيرة داخل الفكر الاقتصادي العربي المعاصر، وكما يقول مفكر اقتصادي: "فإن الفائدة والربا من أكثر المسائل تعرضًا للجدل في الدين والاقتصاد، حتى يومنا هذا"، وقد ظهر النقاش أول الأمر مع ظهور البنوك، ثم عاد النقاش مع التحول الصحي المهم نحو البنوك الإِسلامية (١)، لهذا فتح الفكر الإِسلامي باب الحديث عن الفائدة الربوية نقدًا ونقاشًا مهمًا، وفي ذلك يقول مفكر اقتصادي: "ومما يزيد في أهمية الموضوع أن الاقتصاد الإِسلامي أول ما بدأ إنما بدأ بمسألة الفائدة والربا والمصارف" (٢).

[أصل منهجي في هذا الباب]: ليست مشكلة الربا من عدم مطابقته لمعادلات رياضية صحيحة أو من عدم استجابته لبعض الخصائص البشرية، فإنه قد يقع الصواب الرياضي والتوافق مع بعض الخصائص النفسية ومع ذلك فهذا لا يعني صوابها الشراعي إلا إذا تطابقت مع الأمر الشرعي؛ أي: أن ما يكون واقعًا قد لا يصح شرعًا، وهي مسألة في غاية الأهمية، فقد يظهر في البحوث العلمية سلامة أمر من بعض مجالاته من جهة مادية، ثم لا تصح من جهة الشرع؛ لتعلقات أخرى بالموضوع. وقد وقع الإشكال في هذا الباب بعد فصل العلوم عن الدين، ومن ذلك ما يرد في الدراسات الاقتصادية، فهو علم يركز على الثروة ورأس المال (٣)، وكيفية تنميتها ومن ثم إدخال الرفاه على الناس، وقد يصل إلى طرق سريعة في تنمية الثروة، وهنا لا تكذيب بسرعتها في تنمية الثروة ولكنه قد لا يصح في الشرع، كما هو مثلًا في موضوع الربا، فمن يشكك في كونه طريقًا سريعًا للثروة! وهي ثروة لفئة محدودة لئيمة الطباع، ترضى بسرقة جهد الآخرين، ومن هنا جاء خطورة إغفاله من جانب العلاقة الإنسانية والعلاقة بالقيم والعلاقة بالتماسك الاجتماعي التي رعاها الشرع، فليس الأمر فقط تنمية


(١) انظر: المرجع السابق ص ١٨.
(٢) المرجع السابق ص ١٧.
(٣) الثروة ورأس المال: الثروة أعم من رأس المال، فالثروة في الفكر الاقتصادي المعاصر: مجموع ما تحت يد الأفراد والمجتمع من قيم الاستعمال. بينما رأس المال ذلك الجزء من الثروة الذي يشارك إيجابيًا في العملية الإنتاجية. انظر: الإِسلام والاقتصاد. . . .، د. عبد الهادي النجار ص ٩٦. وانظر: النظرية الاقتصادية في الإِسلام. . . .، فكري نعمان ص ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>