للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الجوانب العلمية فقد كان أستاذ الرياضيات أثناء إقامته في روما، وعنايته بالفلك كانت في وقت فراغه، ومن خلال تأملاته الفلكية وبحوثه وصل إلى نتائج جمعها في كتابه الآنف الذكر، وهو يعد مؤسس علم الفلك الحديث.

ومما يُذكر عنه أنه درس في جامعة بادوا في إيطاليا، وهي جامعة اشتهر عنها العناية بالعلوم المنقولة عن المسلمين، وكانت تمثل إحدى النقاط المهمة في تعرف الغرب على الشرق (١).

وخلاصة نظريته: أن للأرض حركة مزدوجة، دورة يومية حول نفسها، ودورة سنوية حول الشمس، وأن القمر يدور حول الأرض، وأن الأرض والقمر والكواكب الأخرى كلها تدور حول الشمس، مع إثبات كروية الأرض ككروية القمر وغيره مما يشاهد في السماء، وبيّن بالتفصيل أنه بهذه النظرية يمكن تفسير جميع المظاهر الفلكية، وجعل دورانها حول الشمس في حلقة دائرية تبعًا للاعتقاد الفلسفي اليوناني بأن الدائرة أكمل الأشكال الهندسية والله سبحانه لا يخلق إلا الأفضل (٢).

وقد ذكر غير باحث بأن لـ "كوبرنيكوس" عبارات في تعظيم الشمس، ومنهم من حملها على المجاز، ومن ذلك ما قاله فيها بعد وصف الأفلاك: "في الوسط تجلس الشمس على عرشها، ومن معبدها المنير يشع نورها على الكون كله، ومن الحكمة أن نسميها بالمصباح المنير أو العقل المدبر أو حاكم الكون، وسماها الإله المنظور. ." (٣).

لقد كانت هذه النظرية بما خلفها من نظريات وحسابات وما بعدها من نتائج وحقائق، جديدة على المجتمع الغربي، وجديدة على الأوساط الفكرية العلمية الدينية، إلا أنها لم تكن جديدة على بيئات أخرى لاسيّما علم الفلك في بلاد المسلمين، يقول توبي: "فمن المتفق عليه الآن بشكل عام أن التصور الكوبرنيكي الجديد للكون لم يقم على ملاحظات جديدة مذهلة أو أساليب


(١) انظر: ما قاله د. حسن حنفي في كتابه: مقدمة في علم الاستغراب، في الهامش رقم (٢٧٩) ص ١٧٧.
(٢) انظر: تاريخ الفلسفة الغربية، راسل ص ٥٨، وانظر: العلم في التاريخ، برنال ٢/ ٤٨.
(٣) العلم في التاريخ، برنال ٢/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>