للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن العقيدة العلمانية تعمي هؤلاء عن التبصر في قيمة مشروع "الأسلمة"، ولهذا تجد قائمة من المفردات السبابية الجاهزة، وهي من محصول ضخم قد تجمع حول كل نشاط تتبناه الأمة من منطلق ديني لمواجهة التحديات، وليست هناك مشكلة أن يوجد نقد لمشروع التأصيل، فالنقد جيد لمشروع ناشئ، وإنما المشكلة أن يكون النقد صادرًا من أناس أعمتهم العلمنة، ولاسيّما عندما يكون هدفه فقط معارضة الدين ورفضه دون مبرر سوى أنه دين أو بالتركيز على أخطاء ونقائص في مشروع الأسلمة يعترف بها أصحاب المشروع سلفًا، ويجاهدون في تخفيفها، والأصل أن لا يوقف مع هذه النواقص والأخطاء ما دام أهلها يريدون تجاوزها، فليست حجة في رفض المشروع وانتقاصه وإنما هي طبيعة المشروعات في بداياتها.

وهذا بخلاف مشروع العلمنة، فإنه مشروع يقوم على أصول لا يمكن قبولها في الإطار الإِسلامي، إنه ليس مشروعًا يحمل نواقص أو مشروعًا في بداياته ويعاني تلك البدايات، وإنما هو مشروع من بداياته يحمل معارضة صريحة للدين، مع العلم أن بعض من يتبنى بعض صورها وهو قريب من الفكر العلماني يصرح بأن هدف العلمانيين العرب هو هدم الإِسلام، فيقول: "صرح مصلحون كثيرون في ماضٍ قريب أنهم من أنصار الحداثة في حين أنهم كانوا مصرين على العلمانية. وقد ادعى كثير من العلمانيين اليوم حق التلاعب بالإِسلام مستترين بقناع الإصلاح والرقي في حين أنهم يتمنون خراب الإِسلام" (١).

شبهتان: التعارض والموضوعية من مسوغات علمنة العلم:

من دعاوى العلمانية في المجال العلمي قول بعضهم: إن العلمانية لا تتعارض مع الدين، وقولهم: إن علمانية العلم تعني موضوعيته وحياديته، أما الأولى فمن التناقض قول طائفة: إن علمانية العلم لا تتعارض مع الدين، وهي دعوى يركز عليها دعاة العلمنة العرب، وقد جاءت معهم بوضوح في السنين الأخيرة، وهي مرتبطة للمدقق بظهور الصحوة الإِسلامية وجهدها المهم في كشف زيف العلمانية، مما يجعلها دعوى ذات مضمون صراعي هدفها فقط تمرير


(١) الشخصية العربية الإِسلامية والمصير العربي، د. هشام جعيط ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>