للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخرافات والأوهام، فشرائع الإنسان من صنع الإنسان وهي تابعة لحاله من الانحطاط والارتقاء" (١)، وأن الإسلام بحسب أحد أتباع "شميل" لا صلة له بالعلم، وأنه لا يساير العلم، وهو يتحدث عن نار موسى والنفخ في فرج مريم (٢). والدكتور "العظمة" أثناء عرضه لهذا التيار الذي يغرس في تاريخنا الفكري المعاصر بذور هذه الدعاوى يعرضه كتيار يمتثل الحضارة الكونية العالمية ويمثلها في فكرنا.

ويظهر في كلام "العظمة" بأن التعارض الأساسي ليس بين الدين والعلم، وإنما هو بين الدين والمادية الملحدة، فقد صرّح بأنها أخذت بمادية صريحة ملحدة، وهنا تبرز عادة هذه التلاعبات الفكرية بالمصطلحات، ومن ذلك وضع مصطلح على معنى لا يوافقه، أو وضع المصطلحات المعممة لمعاني ليست بعامة طريقةً لإنعاش تلك الدعوى وغرسها في فكرنا المعاصر.

نجد في الأفكار المتغربة عدة نماذج، من أشهرها نموذجان، الأول: يرى بوجود تعارض بسبب جعل الدين والعلم على صفة واحدة مع أنهما يشكلان مجالين مختلفين، وبسبب عدم إدراك ذلك بحسب الدعوى يقع التعارض، ولهذا تظهر عند أصحابها أهمية الفصل بينهما والتوفيق عند الحاجة، والثاني: يرى وجود التعارض مع استغلال هذا التعارض لإثبات خرافة الدين ومن ثم أهمية التخلص منه.

النموذج الأول: التوفيقي:

يعد المفكر المشهور "زكي نجيب محمود" أشهر من تبنى هذا الموقف، وقد تقلّب منهجه الفكري في مراحل، وصل بعضها من التطرف إلى تبني "الوضعية" عادًّا إياها الفلسفة الأمثل في التمذهب، وتأثر بها إلى أبعد حد، لدرجة انفصاله عن هويته وتاريخه وثقافته، وتبني النموذج الغربي، ثم جاء له تحول في آخر حياته نحو التراث، فأبرز أهمية التوفيق بين الفكر الحديث والتراث، فيظهر في مشروعه دعوى التعارض العام دون ذكر محدد للموضوعات، ولكن الذي يتميز به هو منهجه التوفيقي.


(١) العلمانية من منظور مختلف، د. عزيز العظمة ص ١٨٣.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>