للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لاعتراف عجيب بحاجة الناس إلى توراة، أليس هذا هو ما يهربون منه ثم هم يقعون فيه؟! فلماذا لا يكون هو الدين الحق وتُختصر كل تلك المسافة؟!

[النموذج الثاني]

قريبًا من النموذج السابق -ولا سيّما في طريقة العلاج، وإن بصورة أذكى- ما نجده عند أحد المهتمين بالمجال العلمي مع اجتهاده في الدفاع عن العلمنة، وهو الدكتور "فؤاد زكريا"، تقتصر النظرة الشمولية عنده على الدنيا ومشكلاتها في العلاقة بالعلم مثل: الغذاء والسكان والبيئة والموارد الطبيعية والوراثة وغيرها، فهي مشكلات ناتجة عن تقدم العلم ذاته، فالتلوث مثلًا في البيئة هو بسبب التقدم العلمي، عندها يأتي السؤال في مثل هذا المثال: هل يعالجها العلم؟ (١) مع أن الأمر أعم من هذه النظرة الجزئية للحياة الدنيوية؟ فالإنسان ليس فقط بدنياه وإنما هناك أمور أخرى تشغله وتأخذ بتفكيره واهتمامه، أما الأمور الجزئية الدنيوية فقد يقال: إن العلم يمكنه الإسهام في حلها، ولكن في ذلك هروب عن الأسئلة الأعلى، ولنأخذ جوابه عن هذه الجزئية:

"الآراء تختلف في هذا الموضوع، بين أولئك الذين يؤمنون بأن العلم هو الذي يستطيع أن يحل كافة المشكلات التي خلقها تقدمه السريع، وأولئك الذين ينادون بضرورة الاستعانة بمصادر أخرى غير العلم لكي نعيد ذلك التوازن الذي أخل به العلم. . . ." (٢).

فأهل الرأي الأول يرون بأن تقدم العلوم الإنسانية كفيل بمعالجة الأضرار الناتجة عن تقدم العلوم الطبيعية (٣)، ولكن ألا يمكن أن يُقال باحتمال بروز مفاسد منها كما وقع من العلوم الطبيعية! وستأتي شهادات من أهل التخصص فيها بأنها تعيش أزمة لا تؤهلها لأن تكون قادرة على القيام بذاتها فضلًا عن معالجة مشكلات كبيرة كهذه.

أما أهل الرأي الثاني المعترضرن على إمكانية قدرة العلم على معالجة تلك المشكلات، "فحين نتحدث عن طريقة توجيه حياة الإنسان وتنظيم مجتمعه،


(١) انظر: التفكير العلمي، د. فؤاد زكريا ص ٢٨١.
(٢) المرجع السابق ص ٢٨٢.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٢٨٢ - ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>