للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصبح المصطلح المعبر به عن مذهبهم هو "مذهب النشوء والارتقاء"، حيث تواضعوا على إطلاقه مُعبّرًا عن مجمل أفكارهم المقتبسة من العلوم الطبيعية والكيميائية والاقتصادية والتاريخية المعروفة في أوروبا القرن الثالث عشر/ التاسع عشر، ولاسيّما "داروين"، "والاس"، "ليل"، "سبنسر"، و"هيكل" الذي جاهر بالنتائج الفلسفية الإلحادية المترتبة على اكتشاف "داروين"، و"بخنر" وغيرهم (١)، وأصبحت "الدارونية" أشبه بالإطار المفاهيمي المرجعي لإنتاجهم الفكري الذي يطرحه أصحاب الموسوعة العربية بوصفه إنتاجًا نهضويًا (٢)، مع أنها في حقيقتها دعوة إلحادية لا علاقة لها بنهضة أمتنا.

مع أن الموسوعة السابقة ألمحت على استحياء أن الدارونية العربية أقرب إلى كونها دعوة أيدلوجية إلا أنها لم تتجاوز ذلك، ومما ألمحت إليه:

- الترابط الذي يلاحظه الباحث بين طرح قضايا علمية مثل مبدأ التولد الذاتي، وطرح قضايا دينية مثل وجود الله وعقيدة خلود النفس والخلق من عدم وغيرها.

- الترويج لأكثر أشكال المذهب غلوًا وتطرفًا من أفكار علمية وفلسفية إلحادية والتي نادى بها غلاة المذهب الداروني في أوروبا.

- استخدامهم لمناهج نقدية جذرية للإطاحة بمقومات ثقافة المجتمع وتصوراتهم عن الكون والإنسان التي تشكلت عبر ثقافتهم الدينية (٣).

تُشكل مجموعة الأعمال السابقة صورة واضحة لأبشع صور الانحراف التغريبية الحديثة، فتَحْتَ مسمى العلم ونظرياته أُدخلت أفكار ومناهج ودعوات للإطاحة بالدين، وصوّروا العلم وكأنه عدو للدين، بل كأن هدفه الحقيقي هو إزالته، مما يجعلنا أمام تيار يناقض تمامًا رسالة الأمة إلى العالم، رسالتها في إقامة الإسلام ونشره، بينما هذا التيار على العكس يحمل رسالة هدم هذا الإسلام.

أقف مع النموذجين البارزين في هذا الاتجاه الداروني وهما: "شبلي


(١) الموسوعة الفلسفية العربية، مادة الدارونية العربية ٢/ ٥٥٨ - ٥٥٩.
(٢) انظر: المرجع السابق ٢/ ٥٥٩.
(٣) انظر: المرجع السابق ٢/ ٥٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>