للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فريزر" و"باستيد" في النتائج التي يعتمدها، وعند بحثه عن نشأة الدين قال: "والحق أن الدين نشأ مع الإنسانية، ومنذ أقدم العصور، إذ دلت اكتشافات علماء الآثار والمتخصصين في دراسة ما قبل التاريخ والحفريات عند قدماء المصريين و. . . . ما يدل على أن الدين وجد منذ أن نشأت الإنسانية", أما كيف نشأ؟ فيقول: "لقد عاش الإنسان الأول في دنيا لم يكن يفهمها، وكان يحيط به جميع صنوف الأخطار التي لا يستطيع أن يراها أو يدركها بتصوره، فاستشعر الخوف من الطبيعة، ولم يستطع أن يعللها، فحاول أن يسترضيها بحيث يحصل على معونتها أو بحيث تمتنع على الأقل من إيذائه. ومن ثم أخذ الإنسان الأول في عبادة ظاهرات الطبيعة التي أخذت بلبه. . . ." (١)، ثم ذكر الأقوال في أول ديانة، ومال إلى كلام "فريزر" حول مرور المجتمعات البشرية بثلاث مراحل: السحر والدين والعلم، ثم تحدث عن صور الأديان في المجتمعات الإنسانية الأولى، ومع تحفظه على مسألة الترتيب؛ إلا أنه بدأ بالسحر ثم الروحية ثم عبادة الأجداد ثم الطوطمية ثم الزرادشتية والبرهمية والبوذية والكونفوشيوسية ثم ديانة المدينة عند الإغريق (٢)، ثم يصل في النهاية إلى الديانات السماوية "اليهودية والمسيحية والإِسلام"، ويقول: "وقد ظهرت متعاقبة، وهي تقول جميعًا بإله واحد مطلق، إلا أنها تختلف في تصويرها لوحدانية الله. ." (٣)، وهذا ما يُدرّسه هؤلاء لطلاب المسلمين، وكأن الدين السماوي لم يكن موجودًا قبل موسى -عليه السلام-، إذ عادة العرب النقل حرفيًا عن المكتبة الغربية، وهي لا تهتم بذكر ما قبل موسى -عليه السلام- إلا ضمن السحر والطوطمية، ثم لا ندري كيف تختلف الديانات السماوية في تصويرها لوحدانية الله؟ فإن كانت سماوية فهي لن تختلف، أما انحراف اليهود والنصارى وتبديلهم في دينهم فلا يدل عليه سياق البحث.

ونجد التصريح بصورة أشنع مع "يوسف شلحت" عند بحثه عن أصل الدين


(١) الدين والمجتمع، دراسة في علم الاجتماع الديني، د. حسين رشوان ص ٢٥.
(٢) انظر: الدين والمجتمع، دراسة في علم الاجتماع الديني، د. حسين رشوان ص ٢٦ - ٤٤.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٤٥ وما بعدها، وقد يجري الكلام معهم بذكر الأديان السماوية، مع أن الدين واحد، والاختلاف إنما وقع في الشرائع، ولذا يقال الدين السماوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>