للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق نيوتن (١٦٤٢ - ١٧٢٧ م) لم تكن طفولته تنبئ عن مثل هذه القدرات كما يقول دارسو حياته، وبدأ شبابه بتعلم الفنون، وكان عنده ميل كبير للرياضيات، ورث كرسي أستاذه في الرياضيات والبصريات ومن هناك بدأت أعماله العلمية المشهورة، وفي آخر حياته أصيب بمرض وصاحبه نشاط سياسي مما خفف من نشاطه العلمي، وبعد كبره انسحب إلى الدين وترك كل شيء إلى أن مات (١).

وأهم أعماله -وهي قليلة مقارنة بشهرته- اكتشافه حساب "التفاضل والتكامل" على خلاف كبير هل هو من اكتشفه أم "لايبنتز"، وكتابه في البصريات، وكتاب "أسس الرياضيات"، وأهمها جميعًا كتاب "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية" مع نظريته الجديدة حول الجاذبية.

كانت ولادة "نيوتن" في العام الذي مات فيه "جاليليو"؛ أي: في عصر الأحداث "الكبرى" وكان "جاليليو" آخر أعلام إيطاليا وبموته انتهى أثر إيطاليا في حركة العلم الحديث، وسينتقل الدور إلى بلاد أخرى كفرنسا وإنجلترا وبعض بلدان أوروبا الأخرى، وهي رحلة طويلة كانت بدايتها الحديثة بذهاب أبناء أوروبا لأخذه من مدن المسلمين في الأندلس وصقلية وربما إلى مصر والشام وغيرها، ثم نُقل كثير منها إلى إيطاليا حاضرة أوروبا في عصر النهضة، وتصبح مدن إيطاليا -ولاسيّما جامعة بادوا معقل العلم المنقول عن المسلمين مع إضافات علمائها- مركز العلوم في أوروبا. ولكل أجل كتاب، فها هي إيطاليا تتوقف عن أثرها، وينتقل العلم إلى بلدان أخرى في أوروبا، وقد حدث في واقعنا المعاصر أن انتقلت كثافة العلوم الدنيوية إلى بلد جديد هو أمريكا، وها نحن اليوم في بوادر ظهور مجتمعات جديدة تواصل مسيرة العلم كاليابان مثلًا. إن براعة أمة من الأمم في هذه العلوم لا يعود إلى عرقها أو موطنها، وإنما إلى ما ييسره الله لقوم فيبذلون من أسباب تحصيله ما يجعلهم بارعين فيه، وبحسب الوسط الذي يظهر فيه العلم والبيئة التي يعيش فيها لا يخلو أمره من أن يكتسب شيئًا من خصائص ذلك الوسط ومقوماته وفلسفته.


(١) معجم الفلاسفة، جورج طرابيشي ص ٦٣١، وانظر: الموسوعة العربية العالمية ٢٥/ ٥٤٥ - ٥٤٧، مع كتاب: إسحاق نيوتن والثورة العلمية، جيل، حيث هو مرجعي المهم في باب المعلومات اللاحقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>