للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبشرية، وسعادة الناس مرهونة بمزيد من تقدمه والاعتماد عليه، ولكن واقع الأمم التي ازدهرت فيها هذه العلوم يقول غير ذلك، فقد انهارت كثير من الآمال المعقودة بالعلم الحديث بعد أن أظهر العلم وجهًا آخر له تمثل في صور من الموت والدمار والخوف.

١ - انهيار اليقين العلمي القديم:

لقد انهار اليقين القديم المرتبط بالثورة العلمية والمذاهب الفكرية المدعية الوصول للحقائق النهائية في ضوء العلم الحديث، وهذا أمر اتفقت عليه أغلب الدراسات التي تحدثت عن نظرية النسبية، فقد أحدثت النسبية تغييرًا جذريًا في كل تلك اليقينيات، وكما في الموسوعة العربية العالمية "لقد غيرت النسبية كل المفاهيم الفلسفية والفيزيائية عن الفضاء والزمن. وقد أثرت في تصوراتنا وأحاسيسنا الحدسية عن العوالم البعيدة والنجوم وكذلك عن عالم الذرة الدقيق. وما زال بعض هذه الشكوك أو التساؤلات موجودًا" (١)، وأثبتت النظرية للجميع بأن العلم مهما بلغت درجة اليقين فيه، وثقة الناس به، فهو في حاجة إلى المراجعة دومًا، ونحن نراه يراجع كل المفاهيم الكبيرة التي دارت حولها الفيزياء ومن خلفه العلوم الطبيعية والفلسفة، سواءً أصاب في ذلك أم أخطأ، لا يهمنا من ذلك إلا أن العلم المطلق قد ولّى زمانه وما بقي إلا العلم النسبي المتواضع في حركته ونتائجه.

ولكن ليس معنى ذلك بأن العلم لا يملك حقائق صلبة صادقة، وأنه لا ينطلق من أرضٍ صلبة، وإنما المراد بأن حقائقهُ نسبية فقط وغير مطلقة، والنسبية هنا نسبية فيزيائية لا نفسية حتى لا تصبح المسألة خاضعة لأهواء ورغبات؛ أي: أن الأفراد عند ملاحظتهم لأمرٍ ما، من مكانٍ مشترك، فهم لا يختلفون في تلك الملاحظة غالبًا، ولكن لو كانت الملاحظة من مكانين غير مشتركين فإن القياسات ستختلف (٢).

ومن الأمثلة الطريفة في باب النظريات التي أعادت النسبية تقديمها من جديد؛ الاختلاف حول نظريتين في الفلك: نظرية "بطليموس" القائلة بأن الأرض


(١) الموسوعة العربية العالمية ٢٥/ ٢٢١.
(٢) انظر: من نظريات العلم المعاصر. . . .، زيدان ص ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>