للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتباره المقياس الوحيد للعلم، فإنه مع ذلك يميل إلى أن النظريات العلمية ذات طبيعة اسمية، وليست تعبيرًا عن حقيقة الواقع (١).

[٢ - فلسفة العلوم أو الإبستمولوجيا]

لقد كانت علاقة الفلسفة والفكر بالعلم في الغرب في صراع مستمر بين جذب ومدّ، وكان التيار الوضعي والمادي قد انطلق بالعلم إلى حدّ التطرف. فجاءت أولى الصدمات مع نقاد العلم في نهايات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (١٣ - ١٤ هـ)، ومنذ ذاك والأوضاع الفكرية مضطربة، وفي جوّ كهذا بدأ مصطلح فلسفة العلم يُتداول في الأوساط الفكرية.

وفي أوائل الأربعينيات انعقد أول مؤتمر دولي لفلسفة العلوم في باريس عام (١٩٣٥ م)، وظهرت فيه تسمية هذا المصطلح بصورة محددة وتداولها العلماء والفلاسفة (٢)، وإن كانت موضوعات هذا المجال مثار اهتمام من القرن الماضي، وممن عرف سابقًا في هذا الباب أصحاب نقد العلوم الذين سبق الحديث عنهم في الفقرة السابقة.

وقد ظهرت مدارس واتجاهات شتى في مجال فلسفة العلوم، وإن كان الغالب أن كل مدرسة هي امتداد لتيار قديم، وتنظر للعلم وفق مبادئ ذلك التيار المعبِرَة عنه، والغالب عليهم أيضًا الاقتراب من الاتجاه المثالي والعقلاني. ومن بين التقسيمات التقريبية لهذه المدارس تقسيمها بحسب البلدان كالذي نجده عند "حسن حنفي" في كتابه: "مقدمة في علم الاستغراب".

- فنجد أولًا في ألمانيا وما حولها مجموعة علماء كانت لهم فلسفة خاصة حول العلم وكان أشهرهم صاحبا أشهر نظريتين في القرن وهما "ماكس بلانك" (١٨٥٨ - ١٩٤٧ م) صاحب نظرية الكم، و"أينشتين" (١٨٧٩ - ١٩٥٥ م) صاحب النظرية النسبية، وقد سبق الحديث عنهما وآثار نظريتهما، ونُضيف هنا موقفًا خاصًا لماكس بلانك أحد المناهضين للاتجاهات الوضعية، فقد تصور العالَمَ مادة العلم من ثلاثة اتجاهات: فهناك أولًا العالم الخارجي الواقعي الموضوعي الذي لابد من التسليم بوجوده، وهو مستقل عنا، وهناك عالم إحساساتنا الناتج


(١) انظر: مدخل إلى فلسفة العلوم، الجابري ص ٢٧.
(٢) انظر: فلسفة العلوم (قراءة عربية)، د. ماهر عبد القادر ١/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>