للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السمع للعلوم الدينية؛ لأن مصدرها الوحي، والمقصود هنا الحال الأغلب، "وعند هذا تستبين الحكمة في قوله -تعالى-: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} حتى لم يذكر هنا العين كما في الآيات السوابق فإن سياق الكلام هنا في أمور غائبة وحكمة معقولة من عواقب الأمور لا مجال لنظر العين فيها، ومثله قوله: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ} وتتبين حقيقة الأمر في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)}. . . ." (١).

° ما المراد بالعلم؟

ربما يكون من العجب كثرة الاختلاف في تعريف العلم إذ نجد اختلافات كثيرة في كتب اللغة وغيرها حول تعريفه، قال الزبيدي اللغوي: "ووقع خلاف طويل الذيل في العلم حتى قال جماعة إنه لا يحد؛ لظهوره وكونه من الضروريات، وقيل: لصعوبته وعسره" (٢)، وقال الرازي في تفسيره بعد ذكره لعدد من التعريفات: "ولما ثبت أن التعريفات التي ذكرها الناس باطلة، فاعلم أن العجز عن التعريف قد يكون لخفاء المطلوب جدًا، وقد يكون لبلوغه في الجلاء إلى حيث لا يوجد شيء أعرف منه ليجعل معرفًا له" (٣).

ثم ذكر الزبيدي بعض التعريفات فقال: "قلت: وقال الراغب: العلم إدراك الشيء بحقيقته. . . . وقال المناوي في التوقيف: العلم هو الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع، أو هو صفة توجب تمييزا لا يحتمل النقيض، أو هو حصول صورة الشيء في العقل، والأول أخص" (٤).

وقال الجرجاني في تعريفه: "العلم: هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع. وقال الحكماء: هو حصول صورة الشيء في العقل، والأول أخص من الثاني. وقيل: العلم هو إدراك الشيء على ما هو به. وقيل: زوال الخفاء من المعلوم،


(١) فتاوى ابن تيمية ٩/ ٣١١.
(٢) تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي، مادة (علم)، ١٧/ ٤٩٥.
(٣) تفسير الرازي، في المسألة السابعة من تفسيره لآية [البقرة: ٣١] ٢/ ٤٢٠، وانظر: قريبًا منه عند ابن حجر في فتح الباري ١/ ١٤٠ - ١٤١ من كتاب العلم.
(٤) تاج العروس، الزبيدي، مادة (علم)، ١٧/ ٤٩٥ - ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>