للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تجتث تلك النبتة فهذا هي دون جذور، ويذهب الجهد سدى، وتنكشف الفضيحة المجلجلة.

[المثال الثاني: التولد الذاتي]

ننتقل في هذا المثال من بلاد الغرب الرأسمالي إلى بلاد الغرب الاشتراكي، وكلاهما في الضلال سواء، حيث كان هناك احتفاء كبير بالدارونية، ولكن بعد توسيع دائرة انحرافها عدّة دركات (١)، ومن بين ما كان يسعى إليه علماء تلك البلاد: محاولاتهم إثبات التولد الذاتي من أجل دعم المادية، فهذا "ستالين" يكلف "أوبارين" "أن يثبت علميًا بأن الحياة نشأت تلقائيًا من المادة؛ ليدعم بذلك العقيدة الرسمية للدولة. وفعلًا أمضى أوبارين وأعضاء الأكاديمية (٢٠) عامًا في محاولات دائبة غير مجدية"، وبعد سنين أعلن بأن جميع المحاولات باءت بالفشل، ثم في مكابرة قال: إننا يمكن أن ننجح في ذلك "بشرط أن تكون المحاولة على كوكب غير الأرض؛ وذلك نظرًا لأن ظروف الأرض الحالية لم تعد مهيأة لذلك"، في إصرار عجيب بأنه لابد أن يؤمن العالم بمسألة التولد الذاتي وإبطال عقيدة الخلق (٢). والذي يهم الباحث في الموضوع بأن العلم قد تحول من مساره العلمي إلى مسارات أخرى، يقصد أصحابها استغلال العلم في دعم المادية والإلحاد وإبطال الدين.

فها نحن أمام أمثلة استغرقت من أهلها عدّة سنين، وجهودًا مضنية، وعملًا شاقًا، وذلك كلّه من أجل استغلال العلم في دعم الرؤية العلمانية المادية، أو على الأقل هي الهدف البارز والأوضح في المثالين، ولهذا السبب ظهر الانحراف بالعلم واتسع، وأصبح العلم واحدًا من أهم النشاطات البشرية استغلالًا من قبل دعاة المذاهب الضالة.

وحتى نؤكد هذا المعنى، ونكشف شيئًا من خيوطه، لنعرف الحقيقة ولنحذر مما وقع فيه أولئك الأقوام، فسأتناول في هذا الفصل أهم ما وجدته سببًا للانحراف بالعلم، وليس قصدي الاستقصاء بقدر ما أقصد التوقف مع الأبرز منها


(١) انظر: سلامة موسى وأزمة الضمير العربي، د. غالي شكري ص ١٢٦.
(٢) انظر هذا المثال في كتاب: العلمانية. .، سفر الحوالي ص ٣٤٢ - ٣٤٣ وما بين الأقواس بنصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>