للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نشاطهم العلمي. وعندما قامت الدول الأوروبية الحديثة بكياناتها السياسية الجديدة قامت على الرؤية العلمانية، وأقامت جميع مؤسساتها على هذه الرؤية بما في ذلك النشاط العلمي.

[المواقف الأربعة للكنيسة من العلم الحديث وما تضمنته من إشكالات]

سبق في الفصل الأول التعرض لموقف الكنيسة والتيار الديني النصراني من الثورة العلمية وعلمائها المشهورين من "كوبرنيكوس" صاحب أول نظرية حديثة في العلم إلى "جاليليو" و"نيوتن"، وقد كانت تلك النظرة من خلال مسار العلماء مع كنيستهم، أما هنا فسنعكس النظر، ونبحث في موقف الكنيسة ذاتها وأثر عملها على رؤية الغرب ومقلديه للدين في علاقته بالعلم.

لقد كان لأغلب المواقف التي اتخذتها الطوائف الكنسية أو المتعاطفون معهم أثرها السلبي في العلاقة بالعلم؛ لأن أغلبها انطلق من الاعتقاد بصحة الدين النصراني القائم، مع أن الواقع كان غير ذلك، لذا استمرت التوترات والتناقضات تظهر مع ظهور كل مرحلة جديدة.

يذكر لنا صاحب كتاب "الجفوة المفتعلة بين العلم والدين" ما ملخصه أربعة مواقف للنصارى وهي: الأول موقف الكنيسة الرومانية الكاثوليكية التي رفضت أي نتيجة خالف فيها العلم الإنجيل. والثاني موقف طائفة ترى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الله يقدم الديانة كاملة؛ بل يواصل الناس وضع أصول لها بعد ظهور الجزء الأول منها، وهو موقف لأسقف الكنيسة الإنجليزية. والثالث موقف طائفة "آمنت بالإنجيل على أساس الكفر بحرفيته، فإذا قال العلم شيئًا، وقال الإنجيل خلافه، قالوا مع العلم ما قاله، وقوّلوا الإنجيل ما لم يقله، بحجة عدم الاعتداد بحرفية الإنجيل، يقول ليكونت دنيوي: "إن اللغة الرمزية القديمة للإنجيل لم تعد بحرفيتها موافقة لمتطلبات الساعة"". والرابع موقف طائفة تقول بوجود حقيقتين ولكل منهما حق الوجود، فإذا جاءت قضية من العلم وأخرى من الدين فهما صحيحتان وإن تناقضتا في الظاهر، مثل الاختلاف حول مركزية الأرض في الكون، وقد قال به بيكون وغيره (١).


(١) انظر: الجفوة المفتعلة بين العلم والدين، محمد علي يوسف ص ١٧ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>