للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسية، والثورة الصناعية التي كانت الأولى تحضيرًا وتمهيدًا لها، مجتمع جديد كل الجدة عن المجتمع الإقطاعي، استطاع اليهود أن يعيثوا فيه فسادًا بكل قوتهم؛ لأنه ولد في أيديهم من اللحظة الأولى، فاستطاعوا أن يشكلوه على النحو الذي يريدون" (١)، وأن يتسلموا قيادة المجتمع الأوروبي مع أمثالهم، ووضعوا هذا المجتمع بين "ذراعي كماشة هائلة تعصره عصرًا وتفتت كيانه وتحيله كيانًا ممسوخًا مشوهًا بلا قوام! إحدى ذراعي الكماشة كانت نظريات "علمية! " زائفة، تحارب الدين والأخلاق والتقاليد من كل زاوية مستطاعة، تحتوى -لا شك- على شيء من الحق، ولكنها تلبس الحق بالباطل على ديدن يهود من أول التاريخ: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢)} [البقرة: ٤٢] {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)} [آل عمران: ٧١] وكان أبرز "الأبطال" في هذه المعركة ثلاثة من "أساطين" اليهود هم ماركس وفرويد ودركايم. ." (٢)، حيث تفننوا في استخدام هذه النظريات العلمية في الاعتراض على الدين والقيم والأخلاق، ونشر مفاهيم جديدة خدمت الإلحاد والفساد القيمي والأخلاقي.

[يهودي دون ديانة يهودية!]

من المفارقات حول طبيعة مشاركة اليهود الأوروبيين في الفكر الحديث أنه كيف يجمع مثل هؤلاء بين يهوديتهم من جهة، وبين تمثلهم للروح العلمانية اللادينية، بل قيادة بعضهم لدعوات إلحادية صريحة!

فأغلب الجمعيات اليهودية الكبرى في الغرب، التي حمت اليهود وساعدتهم على التغلغل في أوروبا هي جمعيات ظاهرة العلمنة واللادينية، ولا تحرص على العقائد اليهودية بقدر ما تظهر الحرص على حماية ودعم اليهود؛ أي: أن ما يهمها هو الانتماء لشعب اليهود لا الديانة اليهودية، وازداد ذلك مع انتشار الفكر القومي في النصف الثاني من القرن الثالث عشر/ التاسع عشر في أوروبا.

وبسبب ذلك فإنك لا تستغرب وجود ملحد، ولكنه حريص على انتمائه


(١) مذاهب فكرية معاصرة، محمَّد قطب ص ٩٠.
(٢) المرجع السابق ص ٩١، والذراع الأخرى هي: الواقع المتفلت من الدين والقيم عن طريق مفتاح مهم هو إفساد المرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>