للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد سمح هذا المخرج لجميع أو أغلب طوائف اليهود بالنشاط والعمل من أجل خدمة الوجود اليهودي دون أن يصل ذلك إلى صدام وتشتت للجهود، ولا شك أن وجود جمعيات كبرى في العالم تخدم هذا الغرض هو مما سهل جمع مثل هذه الجهود المتناقضة لخدمة هدف واحد. ومما يلفت النظر هنا بأن أهم علماء القرن الرابع عشر/ العشرين وأشهرهم "أينشتين" كان رغم مذهبه اللاأدري تجده "يطوف الولايات المتحدة ليجمع التبرعات لإسرائيل سنة (١٩٤٨ م)، والذي ظل يتحدث في إذاعات أمريكا مدة أربع سنوات داعيًا إلى فكرة الصهيونية، وركب القطار قاطعًا المسافة عبر الولايات المتحدة ليجمع التبرعات والتأييد لإسرائيل، ملقيًا الخطب ومؤثرًا في سياسة أمريكا الخارجية، وضاغطًا على رؤسائها كي يساعدوا إسرائيل، حتى رأى قومه أن يعرضوا عليه رئاسة دولتها بعد وفاة حاييم وايزمان. ." (١)، وهو أهم ممثل للعلوم الطبيعية في القرن الرابع عشر/ العشرين، بينما نجد "فرويد"، بمثل العلوم الاجتماعية وبرغم إعلانه لإلحاده، لا يجد نفسه كما سيأتي إلا مع جماعة التحليل النفسي اليهودية أو مع جمعية "بناي بريث" إحدى أهم جمعيات اليهود في العصر الحديث.

لقد كانت النشاطات الكبرى في مجالي الفكر والعلم بيد النصارى أو من كان ذا أصل نصراني إلى منتصف القرن التاسع عشر باستثناء "إسبينوزا"، ولكن بعد ظهور نظرية "داروين" التطورية وما تحويه من إيحاءات كبيرة حول مادية الإنسان وحيوانيته، انفتح الباب واسعًا لدخول قيادات فكرية وعلمية من الأصل اليهودي، وبدأت ثمار النشاط اليهودي تؤتي أكلها في نهايات القرن التاسع عشر وأغلب القرن العشرين. فإذا نظرنا في جانب الفكر والمذاهب الفكرية فإن أشهر تيارات الفكر كانت تتكئ على قيادات يهودية، ومن أهمها الماركسية نسبة إلى "ماركس" اليهودي، وقد كان لليهود نشاط كبير في الثورات الشيوعية التي قامت على الفكر الماركسي (٢)، وبعده بقليل نجد الفرويدية، ونجد البرغسونية نسبة إلى الفرنسي


(١) النبي موسى ورسالة التوحيد، فرويد، ترجمة ودراسة د. عبد المنعم الحفني، والنص من دراسة المترجم ص ١٠، وانظر: رؤية آينشتين لليهودية ودولة اليهود، د. عفيف فراج، الذي خصصه لهذه القضية.
(٢) بالرجوع إلى الإحصائيات نجد مدى تغلغل اليهود في الماركسية ودولتهم الشيوعية، فماركس يهودي، وبعد نجاح الثورة البلشفية الماركسية في روسيا عام ١٩١٧ م برزت =

<<  <  ج: ص:  >  >>