للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظرية علمية في تخصصه على منوال نظريات العلوم الأخرى، وعبر محاولات ودراسات توصل إلى إخراج نظريته في ميدان علم النفس كما فعل كوبر من قبل في ميدان الفلك أو نيوتن في الطبيعة أو داروين في الأحياء وغيرهم، وهي تعد إلى اليوم من أشهر النظريات في علم النفس، ورغم ما حدث لها من تعديلات معه وبعده فهىِ ما زالت ركنًا مهمًا من علم النفس المعاصر وأصبحت أصلًا من أصول التحليل النفسي.

وقد كان من أهم النتائج التي توصل إليها في نظريته بعد تأمله في الحالات المرضية المختلفة، هو دور اللاشعور في حياة الإنسان، وتأكيده أن هناك جزءًا من الإنسان هو "اللاشعور" وأنه يقوم بتأثيرات أقوى من تأثيرات الشعور، ومما أوصلته إليه تأملاته أيضًا بأن الطاقة الجنسية هي الطاقة العظمى المسيطرة على كل الطاقات والموجهة لها.

يلعب الجنس في نظريته دورًا أساسيًا، بل نظريته كلها تقوم على تصوره للجنس، فالطفل يولد بطاقة جنسية تحرك جميع نشاطاته من رضاع وتبول وغير ذلك. في أثناء نمو الطفل يشعر تلقاء أمه بشهوة وكذا البنت تلقاء أبيها، ولكن الولد يجد أباه عائقًا، فيكره أباه الذي يحبه في الوقت نفسه، فيصطرعان في نفسه، فيكبت الكره في اللاشعور، واللاشعور هو موطن دفن كل الرغبات المكبوتة، ولكنها هي الموجهة لسلوك الإنسان دون وعي. ومع النمو يتقمص الابن شخصية الأب فينهى ويأمر كما يفعل به والده، فينشأ الضمير، ومنه القيم الأخلاقية، وينشأ الدين، وبقية القيم العليا. وتتركب النفس في نظريته من ثلاث طبقات: الذات السفلى الشهوانية، مخزن المكبوتات، والموجهة للسلوك دون وعي، والذات وهي الوسطى مركز الوعي وأفعال الإنسان الواعية، والذات العليا مركز الكوابت الصادرة عن الدين والأخلاق والقيم وهي لاشعورية أيضًا. . . . إلخ (١).


(١) اكتفيت بالعرض الموجود في الكتب الفكرية، تلك التي خرجت بالنظرية من صياغتها العلمية إلى مجال الفكر والثقافة، انظر مثلًا: مذاهب فكرية معاصرة، محمَّد قطب ص ١٠٨ - ١٠٩ فهو أساس العرض، وانظر: تشكيل العقل الحديث، كرين برينتون ص ٣٣٧ - ٣٤٣، مع المراجع السابقة لهذا المبحث وما سبق في الفصل الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>