للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدث لهذه النظرية تحديثات وتحسينات على يد صاحبها أو أتباعه أو المنشقين عنه، كما أن هذه النظرية قد طبقت في مجالات شتى -خارج المعالجة للمرضى- فدرست من خلالها الأديان والتاريخ والحضارات وطبقت في ميادين الاجتماع والسياسة والحروب وغيرها، بل طبقت في الآداب والفنون كما سبق إيضاح شيء من ذلك في الفصل الأول.

ولكن أفكار فرويد لم تقبل في البداية بسهولة لاسيّما ومصدرها يهودي في بيئة نصرانية، مما دفع فرويد إلى تكوين جماعة أُعجبت بنظريته وأفكاره، أغلبهم كانوا من اليهود هي جماعة التحليل النفسي، لتقوم بالمحافظة على فكره ونشر نظرياته في المجتمع.

ظهرت هذه الجماعة عام (١٩٠٢ م) بعد اقتراح قدمه أحدهم إلى فرويد كانت أولًا تسمى "جمعية الأربعاء النفسية"، وفي عام (١٩٠٨ م) أُعيد تنظيمها تحت مسمى "جمعية فيينا للتحليل النفسي" (١)، وأبرز من فيها كانوا من اليهود باستثناء "إرنست جونز" المؤرخ للجماعة ولحياة فرويد و"كارل يونغ" عالم النفس والفيلسوف المشهور، وقد "كتب جونز معلقًا على ذلك بأنهم جميعًا كانوا يهودًا يحسون بيهوديتهم بشكل حاد، وكان إيتنجتون مثلًا من أشدّ هؤلاء الحواريين إحساسًا بيهوديته. . . ." (٢). وقد كان مجمل نشاط الجماعة يدور حول إنجاز فرويد "نظريته والتحليل النفسي"، مما جعل البعض يرى في أن التحليل النفسي "حركة فكرية تاريخية شبه دينية تقوم على النظرية السيكلوجية حاول به التنظير لأخلاق دنيوية علمانية متحررة هي في جوهرها الدين اليهودي" (٣)، وقريبًا من هذا قول أحد أقطاب هذا المجال "أريك فروم" في كتابه "مهمة فرويد -تحليل لشخصيته وتأثيره": "لقد حاولت أن أبين أن التحليل النفسي قد تطور كحركة شبه دينية، قامت على نظرية نفسية" (٤)، ومشبهًا نضال تلك المجموعة بزعماء حركات شبه دينية، لها مصطلحاتها واجتماعاتها السرية، تهاجم وتهادن، لا يملكون سمة


(١) انظر: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص ١٣٤ - ١٣٥.
(٢) النبي موسى والتوحيد، فرويد ص ٧ من مقدمة المترجم الحفني.
(٣) المرجع السابق ص ١٥.
(٤) مهمة فرويد. تحليل لشخصيته وتأثيره، إريك فروم ص ١٠٨ ترجمة طلال عتريسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>