للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجمعية الدولية للتحليل النفسي، عندها احتج اليهود، فقال لهم: "إن أغلبكم يهود. وبالتالي غير قادرين على اكتساب الأصدقاء للعقيدة الجديدة: على اليهود أن يكتفوا يفتح الطريق. من الضروري أن أنسج علاقات مع الوسط العلمي؛ لأنني أتقدم في السن, وقد تعبت من الهجمات المتواصلة عليّ. جميعنا في خطر. ثم أمسك سترته، وقال: "لن يتركوا لي ما أستر به ظهري. السويسريون سينقذوننا جميعًا"" (١)، وكتب فرويد إلى أحدهم يدافع "عن انتساب يونغ إلى حركة التحليل النفسي بطريقة معبرة جدًا، قائلًا: "تذكر أيضًا، بأن يونغ مسيحي وابن كاهن. . . . وأكاد أقول بأن دخوله إلى ساحة التحليل النفسي أبعَدَ خطر رؤية تحول هذا العلم إلى قضية يهودية قومية" (٢).

وهكذا -وتحت إشراف فرويد وفي عملية تاريخية عسيرة- تم نقل قيادة التحليل النفسي "من أيدي يهود فيينا إلى أيدي المسيحيين السويسريين. ووفقًا لذلك سيصبح يونغ، القديس بول، للدين الجديد. . . ." (٣)، ولم يرض أتباعه بسهوله إلا بعد مساومات على أن يرأس يونغ الجمعية الدولية ويتنازل فرويد عن جمعية فيينا لأحد اليهود المشاكسين وهو ألفريد أدلر، وتمّ اقتناع الأغلب بأهمية إنقاذ التحليل النفسي "عن طريق توظيف المزيد من الأميين غير اليهود" (٤)، فتحقق لهم بذلك الانتشار العالمي.

هذا الوضع يشعرنا أننا أمام محارب لا عالم، قائد سياسي أو ديني لا صاحب نظريات وأبحاث، كوّن نظريته ثم الجماعة التي ترعاها، ثم الدعاة من الديانات الأخرى، والخصومات الداخلية ليست حول مسائل علمية بقدر ما هي حول المكاسب في هذا الصراع، وهذه الحال أحد أهم ما لفت أنظار العقلاء حول الاشتباه بجماعة التحليل النفسي لاسيّما وهي ما زالت تخدم طائفة بعينها.

ومما زاد الأمر وضوحًا ما حدث عند انشقاق "كارل يونغ" وتركه لجماعة


(١) فرويد والتراث الصوفي اليهودي ص ٥٨ - ٥٩.
(٢) فرويد والتراث الصوفي اليهودي، من حاشية للمترجم طلال عتريسى ص ٥٩.
(٣) مهمة فرويد. تحليل لشخصيته وتأثيره ص ٨٦.
(٤) انظر: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص ١٥٦، وقد انشق كل من "يونغ" و"أدلر" عن أستاذهما، وكوّن كل واحد منهما مدرسة جديدة في علم النفس، وإن كانتا تدوران في فلك "فرويد".

<<  <  ج: ص:  >  >>