للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقلي؛ على أن المقصود بالعقلي هنا علوم تركها الشارع لعقول البشر يبدعون فيها بما يناسب احتياجاتهم في العمران، وكان في عرضه لتلك العلوم إنما يعرض صورة لما يُعرف غالبًا في معاهد المسلمين شرقًا وغربًا، وكأنه يعطينا وصفًا شاملًا لمنهج الدراسة في معهد من معاهد المسلمين أو جامعة من جامعاتهم آنذاك.

عرّفَ بكل علم من العلوم من بدايات نشأته إلى الحال التي استقرّ عليها في عصر المؤلف، وعرض أهم كتب ذلك العلم وأهله وطرق تصنيفهم، فبدأها بالآتي:

[القسم الأول: العلوم النقلية]

علوم القرآن من التفسير والقراءات، ثم علوم الحديث، ثم علم الفقه وما يتبعه من الفرائض (١) وأصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات (٢)، ثم ذكر منها على طريقة كثير من المتأخرين علم الكلام (٣)، وبرغم ملحوظاته النقدية المهمة على ذلك العلم؛ إلا أنه لم يتكلم بصورة ترضي الباحث عن علم العقيدة أو التوحيد رغم كثرة المصنفات فيه لأهل السنة والجماعة، ويظهر أن ابن خلدون كان يصف في الغالب ما يُدرس في كثير من بلاد المسلمين آنذاك، وقد كانت كتب المتكلمين، لاسيّما علماء الأشاعرة من بين أشهر الكتب التي لقيت عناية من قبل المتعلمين، إلى أن جاء النقد الموسع لها مع شيخ الإِسلام ابن تيمية في نهاية القرن السابع وأول الثامن، مما أعاد المكانة لعلم العقيدة والتوحيد كما هو عند السلف وأئمة أهل السنة والجماعة.

وذكر أيضًا من العلوم التي اشتهرت في زمنه وقبله "علم التصوف" (٤) بعلمائه وكتبهم وطرقهم، وقد ألحقه بصور من النقد الحسن والتحليل المميز، ثم تحدث عن "علم التعبير والرؤيا" (٥) وما في بابها، وما يرتبط منها بالشرع وما ليس منه.


(١) انظر: المقدمة لابن خلدون، وصفحاتها كالتالي: ٣/ ١٠٢٨، ١٠٣٣، ١٠٤٥.
(٢) انظر: المرجع السابق ٣/ ١٠٦١.
(٣) انظر: المرجع السابق ٣/ ١٠٦٨.
(٤) انظر: المرجع السابق ٣/ ١٠٩٧.
(٥) انظر: المرجع السابق ٣/ ١١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>