للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان المستعمر يرى عقبته الحقيقية هي في المسلمين، وألف الإِنجليزي "هانتر" كتابًا بعنوان "مسلمو الهند"، ومما فيه "أن المسلمين لم يكونوا رعية صالحة لأية حكومة ما داموا على القرآن" (١). فأثرت مثل هذه المواقف وغيرها في "سيد أحمد" فقام بالرد عليها, ولكن معالجته لمثل هذه الدعوات تمثلت بمزيد من الانغماس في الحضارة الغربية، فكانت معالجة سلبية انهزامية في جوهرها.

أراد زيارة إنجلترا، فهندس له الإِنجليز رحلة مؤثرة إلى أوروبا، واحتُفي به احتفاءً كبيرًا أثّر فيه كثيرًا (٢)، فعاد إلى بلاده متحمسًا لتقليد الغرب والاستكانة التامة للمستعمر، وفي بابنا حول العلاقة بالعلم الحديث قام بأمور منها:

أ- إنشاء "جمعية الترجمة":

وهدفها "تقريب علوم الغربيين وآدابهم من أذهان الشرقيين. فآنست تلك الجمعية تنشيطًا من الحكومة -أي: الاستعمارية- فجعلها دوق أركيل تحت حمايته فتمكنت من نقل كثير من المؤلفات الإنكليزية إلى اللسان الهندي ونشرها بين العامة" (٣).

ولم تكن الترجمة بعيدةً عن أصابع التلاعب، فلا صاحب الجمعية بخالٍ من ضبابية المنهج، ولا الحكومة الراعية لتلك الجمعية وصاحبها خالية من مصالحها ومطامعها، وقد بقيت الترجمة في كل مكان، ظهرت فيه من بلاد المسلمين متأثرة بمثل هذه الأجواء الملتبسة.

ب- إنشاؤه مجلة تهذيب الأخلاق وكلية عليكرة:

كان أهم ما تعرضه المجلّة هو التعريف بحضارة الغرب وأهمية تحصيل العلوم الجديدة، وإعادة تفسير النصوص وفق تلك النظريات الجديدة، وإثبات أن


(١) انظر: أبو الأعلى المودودي حياته وفكره العقدي، حمد الجمال ص ٥٩.
(٢) انظر: مفهوم تجديد الدين، بسطامي محمد ص ١٢٢، وكان أول مسلم هندي يزور إنجلترا، أشبه في ذلك بحال رفاعة الطهطاوي من مصر إلى فرنسا، انظر: الصراع بين الفكرة الإِسلامية والفكرة الغربية ص ٧١.
(٣) تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، جرجي زيدان ٢/ ٨٩، وانظر في ذلك: زعماء الإصلاح في العصر الحديث، أحمد أمين ص ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>