للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساسه مصطلحًا غربيًا في حاجة للترجمة العربية اللغوية والاصطلاحية.

والتعريف القاموسي منطبق بدرجة كبيرة على المعنى الاصطلاحي الفكري للتغريب، فهو مفهوم يحوي على دلالتين مهمتين: الأولى أن هناك من يسعى للتغريب؛ أي: هناك من يقوم بالمشروع؛ والثانية نتيجة للأولى وهي وجود طائفة قد قبلت الدعوة واستجابت لها فأصبحت متغربة، حتى وإن لم تمارس الدعوة إلى التغريب. ففي الدلالة الأولى نجد طرفين: الطرف الغربي ومن استجاب له من المدعوين وشاركه في الدعوة، بينما الثانية خاصة بالمدعوين فقط.

وبالنظر للدراسات العربية حول هذا المصطلح الجديد نجد منها النماذج الآتية:

يتحدث المفكر البارز "د. محمَّد حسين" المهتم بهذا الباب عن الزحف الغربي نحو الشرق عن طريق الغربيين أنفسهم أو عن طريق من تأثر بهم، فـ"ظهر في معجم السياسة والحضارة ما يسميه الغربيون ومفكروهم بالـ" westernization" وما يمكن أن نسميه بالتغريب؛ أي: طبع المستعمرات الآسيوية والأفريقية بطابع الحضارة الغربية. وجهود الاستعمار في هذا تشمل المسلمين وغير المسلمين من أهل المستعمرات، ولكن جهدهم الأكبر وعنايتهم الأوفر كانت للمسلمين بخاصة؛ لارتباط حياتهم في مختلف مناشطها بالدين" (١).

أما "د. السيد محمَّد الشاهد" فبعد النظر في المدلولات العربية التراثية للتغريب والنظر في الحملة الغربية توصل إلى تعريف، فقد عرَّف "التغريب الثقافي بأنّه وقوع ثقافة مجتمع ما تحت تأثير ثقافة غربية أقوى منها عن طريق الاحتكاك الثقافي غير المتوازن بهدف إبعاد هذه الثقافة عن جذورها وتغيير أهم معالمها فتصبح غربية عن أصولها الاجتماعية التي نشأت وتكونت فيها وميزت مجتمعها عن المجتمعات الأخرى، أو هو محاولة لإبعاد المجتمع عن ثقافته الأصلية وإرغامه بطرق غير مباشرة على قبول ثقافة غريبة عنه" (٢).

وعرَّفت موسوعة إسلامية مهمة التغريب فقالت: "التغريب هو تيار فكري ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صبغ حياة الأمم بعامة،


(١) الإِسلام والحضارة الغربية، د. محمَّد حسين ص ٤١ - ٤٢.
(٢) رحلة الفكر الإِسلامي. . . .، د. السيد محمد ص ١٥١ - ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>