للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كالقول بدوران الأرض ونحوه" جملة كانت بعد قوله: "السماوية" حيث كانت في المخطوط قبل تسليمه للمطبعة، ومما حذفه أيضًا بحسب زعم محققي الكتاب نص له علاقة بالنظرية: "وقال بعض علماء الإفرنج: إن القول بدوران الأرض واستدارتها لا يخالف ما وردت به الكتب السماوية، وذلك لأن الكتب السماوية قد ذكرت هذه الأشياء في معرض ونحوه جريًا على ما يظهر للعامة لا تدقيقًا فلسفيًا، مثلًا: ورد في الشرع أن الله تعالى وقف الشمس، فالمراد بوقف الشمس تأخير غيابها عن الأعين وهذا يحصل بتوقيف الأرض، وإنما أوقع الله الوقوف على الشمس؛ لأنها هي التي يظهر في رأي الأعين سيرها. انتهى. فظاهر كلامه أنه ارتكب غاية التأويل" (١).

قد يتعرض الطهطاوي لمثل هذه الأمور في الكتب التي ترجمها, ولكن تلك الكتب المترجمة بطبيعتها تكون محدودة الاطلاع، يدرسها فقط طلاب المدارس الجديدة، أما هذا الكتاب فهو للجمهور، وقد حظي الكتاب وكاتبه بشهرة كبيرة داخل مصر وخارجها، فصاغ في كتابه باختصار الحركة الفكرية والعلمية والاجتماعية في باريس، فإذا جاءت مسألة حساسة توقف معها، ومنها وقفاته مع نظرية الفلك الجديدة لارتباطها بأحد العلوم المفضلة عنده وهو الجغرافيا، كما أن ذلك يدل على أصداء المشكلة داخل العالم الإسلامي ومحاولته ملامستها من بعيد.

وبما أن الكتاب هو كتاب تعريف ورحلات؛ فمن غير المتوقع أن نجد فيه معالجة للمشكلة، لذا اكتفى الطهطاوي بالإجابات المجملة، وقد كان يفترض في من جاء بعده البدء في رسم الرؤية حول الموقف من هذه المشكلات، وهو ما لم يظهر بالشكل الكافي والمقنع. ومع مثل هذه الآراء الجديدة التي ولدت في البداية على شكل نقل أخبار؛ جاء الإرباك للواقع العلمي والثقافي والفكري في العالم الإسلام في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وربما هي تواصل في القرن الخامس عشر الهجري، وذلك أن المعالجة الحقيقية تؤجل عادة كلما ظهر مثل هذا الإشكال، أو يتولاها من ليس من المؤهلين في العلمين.

كانت الطبعة الأولى من كتاب الطهطاوي سنة (١٢٥٠ هـ-١٨٣٤ م)؛ أي:


(١) المرجع السابق ص ٤١ - ٤٢، ويظهر وجود سقط في جملة (في معرض ونحوه. .).

<<  <  ج: ص:  >  >>