للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست مناسبة للتعامل السليم معها، فقد توجد أطراف توظف هذه المعلومات ضد الدين بحجة التعارض بين الدين والعلم.

لقد كان عرض الموضوع في البداية مسألة نصرانية، أي: بين النصارى في بلاد الشام بعد أن فُتحت المدارس التنصيرية في تلك البلاد ودُرِّست فيها العلوم الحديثة، واطلعوا على النظرية الجديدة في الفلك وإثباتها لدوران الأرض، فكتبت مجلة "الجنان" ما يدل على ثبات الأرض، فأخرجت المقتطف رأيها المعارض، ولاسيّما أن "المقتطف" كانت أقرب إلى الصحافة العلمانية، فكتبت المقتطف في الجزء الأول حول الموضوع بعنوان "دوران الأرض" وقالت: "لولا كثرة السائلين، ولجاجة الطالبين، وتعهدنا لحضرة الجمهور بالإجابة عن كل ما نُسأل عنه بقصد الفائدة، ما تركنا الإجابة عن بعض المسائل الصناعية في هذا الجزء، ولا تكلفنا الآن الكتابة في إثبات موضوع قد صار أشهر من نارٍ على علم، وأوضح من الصبح لذي عينين، وقد أجمع عليه سائر علماء المشرق والمغرب، وتحققت صحته لكل ذي عقل سليم يطالع ويفهم. ولما كان الأمر كذلك فقد دعتنا الحال إلى وضع مقالة مختصرة في دوران الأرض لمجرد الفائدة، وإجابة لطلب السائلين. وأما الذين طلبوا منا الرد على الأمالي الفلكية التي صدرت في الجزء العشرين من الجنان لهذه السنة فنرجوهم أن يعفونا من ذلك. وهل يُردُّ في علمٍ على من يجهلهُ كل الجهل" (١)، ثم ساقوا القول القديم بثباتها والقول الجديد والأدلة المختصرة على صحته، والتوقف مع الاعتراض التاريخي الذي اعترض به على "كوبرنيكوس" كطيران الطيور وغيره (٢).

افتتحت المجلة بهذا المقال معركة طويلة شكلت نموذجًا لكثير من المعارك فيما بعد حول قضايا لا يمكن الفصل فيها، وعمدة المجلة هو فقط الإحالة على النتائج المعروفة آنذاك في أوروبا، فكانت تمثل إشغال المجتمع دون أن تظهر الثمرة الواضحة، ولا أن تثبت مناسبة عرض هذه القضايا في تلك الأوقات،


(١) مجلة المقتطف ١/ ١٤١.
(٢) انظر: المرجع السابق ١/ ١٤١ - ١٤٣، وقد ذكر "الأيجي" في القرن الثامن الهجري بعضها: مثل أنه عند افتراض دورانها ثم رمى أحدهم حجرًا، فلو كانت تدور لسقط الحجر في نقطة غير موازية بسبب حركة الأرض، ثم نقضه، انظر: المواقف ص ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>