للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها المسلمون آنذاك، وأن يصل صدى صراع كتابها النصارى إلى المسلمين، ومن ثمّ مشاركة بعضهم في الموضوع، ففي العدد العاشر نجد مقالًا بعنوان: "العلوم الطبيعية والنصوص الشرعية"، وفي مقدمتها أن وزير المعارف في مصر اطلع على مقال يزعم صاحبه ثبات الأرض، فأنكر ذلك وطلب من عالم شهير في الوزارة هو عبد الله بك فكري أن يكتب حول الموضوع، فوصلت رسالته للمجلة "في مقارنة مباحث الهيئة بالوارد في النصوص الشرعية"، فبادرت المجلة باقتطاف "بعض ثمارها إظهارًا لموافقة علم الهيئة لدين المسلمين، وإجابة لما طلبه منا كثيرون"، فبدأ بكلام الغزالي من كتابه: تهافت الفلاسفة، حول إثبات كروية الأرض وإمكانية معرفة وقت الكسوف والخسوف بالحساب، وأنه لا يعارض إقامة الصلاة الخاصة بهما حتى وإن علم وقته، ثم ذكر منهج الغزالي ليدخل منه إلى المسائل المعاصرة (١) ليصل إلى مسألة "فما الذي تصنعهُ إذا عارض مسألة من هذه الهيئة نص شرعي لا يمكنك تأويله لعدم احتماله" (٢)؟

وقد عرض الجواب منقولًا من حوار بين فقيه وصاحب الهيئة من كتاب أصله بالتركية، وكان جواب صاحب الهيئة "فأقول: إذا تعارضت مسألة فلكية ونص شرعي، فهذه المسألة الفلكية بحسب القضية العقلية لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون مثبتة بالدلائل القطعية إما لا، فإن كان الثاني، أي كانت هذه المسألة مذكورة في كلامهم دعوى من غير دليل ولا يقوم عليها برهان صحيح وحجة قاطعة، فلا حاجة بنا حينئذٍ إلى التأويل، إذ لا ضرورة بنا إلى تقليد كل ما قيل بدليل ومن غير دليل لمجرد كون قائله أثبت بعض ما قاله بدلائل قطعية وبراهين مسلمة لا تبقى معها شبهة، فإن عارضها شيء من الظواهر يقبل التأويل بما تطابقه المسألة، ويحتمل الحمل على ما أثبتته الأدلة، قلنا بذلك التأويل وعلى الله قصد السبيل. وأما إن عارض تلك المسألة القطعية بالفرض والتقدير والتسليم الجدلي نص شرعي لا نعلم له تأويلًا، فوضنا علمه إلى الله -سبحانه وتعالى- حتى يعلمنا تأويله، وعلمنا أن عدم وقوفنا على تأويله إنما جاء من قصور أذهاننا عن المضاء في فهمه. ." (٣).


(١) انظر: مجلة المقتطف ١/ ٢١٧ - ٢١٨.
(٢) المرجع السابق ١/ ٢١٩.
(٣) مجلة المقتطف ١/ ٢١٩ - ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>