للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه "مصر منذ أيام كرومر": "إن التعليم الوطني عندما قدم الإِنجليز كان في قبضة الجامعة الأزهرية الشديدة التمسك بالدين، والتي كانت أساليبها الجافة تقف حاجزًا في طريق أي إصلاح تعليمي، وكان الطلبة الذين يتخرجون من هذه الجامعة يحملون معهم قدرًا عظيمًا من غرور التعصب الديني، فليس من العسير أن يتصور لنا أي تقدم طالما ظل الأزهر متمسكًا بأساليبه هذه، ولكن إذا بدا أن مثل هذه الخطوة غير متيسر تحقيقها، فعندئذ يصبح الأمل محصورًا في إيجاد التعليم اللاديني الذي ينافس الأزهر حتى يتاح له الانتشار والنجاح" (١).

وعلينا أن ندرك أن كتابات منظري الاستعماري تُصاغ بأسلوب مؤدب؛ لأنها تُكتب للغرب، فيحاولون أن يُظهِروا عملهم الاستعماري بصورة حسنة، من ذلك ما نجده هنا من مزاعم مثل: "الإصلاح التعليمي" و"التقدم" وربط التأخر بالأزهر، وربط التقدم بالتعليم العلماني، فإن هذا الخطاب موجه لبني جلدتهم، وبينهم اتجاهات متنافرة فضلًا عن المنافسة بين دول أوروبا؛ ولذا يحاول كل فريق إظهار رسالة إنسانية للاستعمار حتى لا يستغلها خصوم كل طرف استعماري في النقد، وسنجد لبعضهم عبارات في غاية الوقاحة وصريحة في بيان حقيقة الاستعمار مثل ما نجده مع الكاردينال لافيجري من مؤسسي حركة التنصير بالجزائر وبلاد المغرب عمومًا وناشط في مجال التعليم حيث يؤكد أن أفريقيا الشمالية لن تندمج في الفرنسة إلا بعد إخراجها من الإِسلام (٢)، وينادي الأوروبيين فيقول: "أيها المسيحيون، سكان الألزاس واللورين، التائهون في هذه اللحظة بشوارع فرنسا، سويسرا وبلجيكا، أفرغوا منازلكم المحروقة، حقولكم المتلفة، فإن الجزائر، فرنسا الأفريقية، تفتح لكم أبوابها وتمد لكم أذرعتها. هنا


(١) عن موسوعة الجندي (المنهج الغربي) ٩/ ٢٦٨ (من التبعية إلى الأصالة)، وفي الموسوعة أخطاء طباعيه وعدم عناية بعلامات الترقيم فأصلحت ما يضرّ تجاهله بالمعنى من أخطاء ووضعت ما يحسنه من علامات الترقيم، وقد أخذت منها مجموعة نصوص نظرًا لأنّ الموسوعة من أهم المراجع التي وجدتها ترصد ظاهرة (التعليم الاستعماري).
(٢) انظر: الحركات الوطنية والاستعمار في الغرب العربي، د. محمَّد مالكي ص ١١٦ هامش (٢٠)، وقد ذكر "أنور الجندي" أن هذا "الكارندينال" يعادل دوره في المغرب دور "دنلوب" في مصر، انظر: موسوعته: المجتمع الإِسلامي ٦/ ٣٢٣، قسم: التربية الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>