للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعمار وبعد خروجه، واستأثروا بالساحة الإِسلامية، حتى ظن البعض أن الإِسلام قد أقصي تمامًا مع هؤلاء، حتى جاءت الصحوة الإِسلامية لتبدد أحلام التغريبيين وتستعيد استنهاض الأمة وتنقذ آلاف الغرقى.

بالنسبة للأحزاب القومية فقد ظهر اختراق النصارى لها، ولاسيما مع انطلاقها من بلاد الشام التي عرفت وجودًا كبيرًا للإرساليات وكلياتها ومعاهدها وصحافتها والرموز التي صنعتها، بدأت قديما مع "بطرس البستاني" وجمعياته، ثم جاء التحول الكبير مع إنشاء جمعيات سرية نهاية القرن (١٣/ ١٩) وكان من كبار قوادها ومنظريها مجموعة من النصارى أو من أتباع الفرق الغالية المنتسبة للإسلام (١). وأما الأحزاب الماركسية وجمعياتها فقد ظهر اختراق اليهود لها، حيث غلب على قياداتها السياسية والفكرية الوجود اليهودي: في مصر أو العراق أو بلاد المغرب (٢). وأما القسم الليبرالي الذي عرف في مصر فقد كان لأفراده الأوائل صلة بالماسونية، وهم في الوقت نفسه من المسلمين المتأثرين كثيرًا بالحضور الغربي الكثيف في مصر لدرجة ابتعادهم عن الإِسلام واختيار العلمنة والحضارة الغربية بديلًا عنه.

ونظرًا لصعوبة المنافسة بين هذه الأحزاب الثلاثة فقد حدث دمج فكري وسياسي بينها، فظهرت لدينا في أثناء الاستعمار ثم بعد خروجه تيار "قومي اشتراكي علماني" وقد تمثل بوضوح في التجربة الناصرية (٣) أولًا، ثم في حزب البعث، والأحزاب الاشتراكية، التي وصلت للسلطة في بلاد المغرب "الجزائر وليبيا مثلًا" أو اليمن، وبوصولها جميعًا إلى السلطة بدأت أقسى عملية تغريب تولاها بنو جلدتنا بعد أن خرج المستعمر، وقد استعان في ذلك بالمؤسسة


(١) انظر: فكرة القومية العربية في ضوء الإِسلام، د. صالح العبود، ففيه بحث موسع عن هذه الجذور الفصل الثاني والثالث، وانظر: الموسوعة الميسرة. . . . ١/ ٤٤٤ وما بعدها، وانظر: المؤامرة الكبرى على بلاد الشام، محمَّد الخالدي ص ١٥٥ وما بعدها.
(٢) انظر: التيارات الفكرية والعقدية. . . .، محمَّد الخالدي ص ١٢٠ وما بعدها، وانظر: اعترافات لشيوعي بارز "د. لويس عوض"، العنقاء ص ١١ من المقدمة، واعترافات شيوعي آخر سابق عن الدور اليهودي "أحمد سليمان"، ومشيناها خطى. . . . ص ٥٥ - ٦٠ - ٦٣ - ٧٧ - ١٢٧ - ١٣٥.
(٣) انظر: الموسوعة الميسرة. . . . ١/ ٤٥٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>