للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحث المسلمين على ربط هذه العلوم بالدين وهو ما نطلق عليه اليوم بالتأصيل الإِسلامي للعلوم النافعة بحيث تُربط بتصوراته وقيمه وأخلاقه وغاياته.

نجد حول خطورة ابتعاد هذه العلوم عن الدين وقفة للشيخ مع قوله -تعالى-: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٢٦)} [الأحقاف: ٢٦]، كيف تَسبب الجحود والاستكبار والاستهزاء بعدم الانتفاع بعلومهم، "فانظر كيف كانت علومهم التي لم تبنَ على الإيمان، وإنما هي علوم جافة منحرفة، صارت سببًا لمعارضتهم الرسل وبقائهم على ما هم عليه من الكفر والتكذيب بالحق، فنعوذ بالله من علم لا ينفع" (١)، فانظر كيف يتحول العلم النافع إلى علم يعارض ما جاءت به الرسل إن لم يكن طريق تعلمها متوافقًا مع الدين.

وقد لا تُوصل أهلها إلى معارضة الرسل ولكنها قد تقطع أهلها عن الصلة بالله، فهي منهمكة بالدنيا دون البحث عن الغاية من وجود هذا الكون ووجودنا فيه، وفي ذلك يقول: "أعظم آفات العلوم وقواطعه الانخداع بالوقوف مع المخلوقات دون خالقها، وبالآثار عن مؤثرها،. . . . وهذا النوع نقصه كثير وضرره كبير، فإن كثيرًا من الملحدين والمغترين بهم يمهرون في العلوم الطبيعية، ولكنهم يقفون معها ويعمون عن ارتباطها بخالقها ومسببها والذي أودع فيها من العجائب والأسرار ما أودع. . . .". ثم ذكر أثر ما اكتشفوه من عجائب فغرتهم ووقفوا عليها، واغتروا بما وصلوا إليه فاستهانوا بغيره، فلو كان الدين هو الموجه، وعرفوا المدبر الحقيقي للأمور كلها، وربطوا ما في الكون بقدره وقضائه، "لو أنهم فعلوا ذلك في عملهم لتم علمهم وحصل لهم من اليقين ما لا يحصل لمن لم يصل إلى ما وصلوا إليه. . . ." (٢).

أخيرًا من آثار ما هي عليه في بيئتها المادية حتى وإن لم تتعارض مع الدين، فإنها عندما تكون بعيدة عن الدين تعجز كل العجز عن إصلاح الأخلاق


(١) الدلائل القرآنية. . . . ص ١٦.
(٢) انظر: الدلائل القرآنية ص ٤٨ - ٤٩، وانظر: الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين ص ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>