للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحذروا مما جنته من التمرد على خالق الكون -جل وعلا- فتصلح لهم الدنيا والآخرة" (١).

[الآية الثانية]: قوله -تعالى-: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)} [الروم: ٧]: يزيد الشيخ هذا المعنى توضيحًا في تفسيره لآية أخرى، وهي قوله -تعالى-: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)} [الروم: ٧]، حيث هي تصف حال الكفار المعرضين عن دين الله سبحانه إذا برعوا في علوم الحياة الدنيا، فما موقفنا نحن المسلمين من ذلك؟

وقف الشيخ وقفه خاصة مع هذه الآية، حيث أعقبها بتنبيه وصدّره بـ"اعلم أنه يجب على كل مسلم في هذا الزمان: أن يتدبر آية الروم هذه تدبرًا كثيرًا، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس" (٢). ومن بين أهم ما ذكره -رحمه الله- ما يأتي:

١ - أهمية معالجة الهزيمة النفسية الخطيرة التى أصابت بعض المسلمين:

حيث ذكر أن من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلي بها ضعاف العقول من المسلمين شدة إتقان الإفرنج لأعمال الحياة الدنيا ومهارتهم فيها على كثرتها واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك، فتوهموا أنهم على حق وأن من ضعف عن ذلك، فهو متخلّف وليس على الحق.

فجاء علاجها في هذه الآية الكريمة، ففيها "إيضاح لهذه الفتنة وتخفيف لشأنها، أنزله الله في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرة، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه، وما أعظمه، وما أحسن تعليمه" (٣). ولا شك أن معالجة الهزيمة النفسية تسبق في الأهمية طلب النافع من العلوم الدنيوية؛ لأن من طلبها من حضارة أخرى وهو يعاني هزيمة نفسية، انساق وأخذ النافع والضار إن لم يترك النافع ويكتفي بالضار.

٢ - التحذير من الغفلة عن حقيقة الحياة الدنيا:

"ففي قوله -تعالى-: {ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يفيد أن للدنيا ظاهرًا وباطنًا،


(١) المرجع السابق ٤/ ٣٨٣.
(٢) أضواء البيان ٦/ ٤٧٧.
(٣) المرجع السابق ٦/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>