للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب إلى "مذهب مادي صارم يؤمن بأزلية المادة، ويرفض من ثم كل ما هو غيبي، ولا يعترف في تفسيره لمختلف الظواهر إلا بنوعين من العلل، هما: الضرورة والصدفة" (١)، ومع القول بالمادية والقول بالحتمية وإنكار الغائية فُتح الباب للإلحاد، مع أن مجموعة من مؤسسي العلم لم يكونوا ملحدين، ولكن تصورهم للعلم قد فتح الباب للإلحاد، ومن ثم فقد ظهر فريقان: فريق "لا أدري" من جهة الإيمان بالله؛ لأن العلم يفسر الأمور دون الحاجة إليه بزعمهم، وفريق وجد أن منطق العلم بصورته السابقة يؤدي للإلحاد، فذهبوا مع هذا المنطق، وقالوا به (٢)، ولكن حركة العلم المعاصرة حطمت عددًا كثيرًا من مسلمات العلم، لاسيّما في باب السببية الجامدة والحتمية والآلية وإنكار الغائية ودعوى مادية العالم وإنكار ما سواه، فانقلب العلم على العلم وبقي الملحدون في فوضاهم كالعادة، ولكن المهم أن العلم الذي استندوا إليه، قد هدم الأصول التي بنوا عليها موقفهم (٣).

وقد خُتمت المقارنة بين النمطين السابقين بالآتي: "والبشر يلحظون يد الله في ندفة الثلج وفي غروب الشمس وفي حقل الأعشاب. وعظمة الجمال وجلاله يحملان توقيع الله الذي لا شبهة فيه. يقول توماس مان: "الجمال وحده إلهي ومرئي في آن معًا". أما إمرسون فيقدم لنا النصيحة التالية: "إياك أن تفوت أي فرصة لمشاهدة أي شيء جميل؛ لأن الجمال خط بيد الله، إنه قداس يقام على جانب الطريق، رحب بالجمال في كل وجه حسن، وفي كل سماء صافية، وفي كل زهرة جميلة، واشكر الله على ذلك".

وهكذا ففي النظرة الجديدة نجد أن أصل الكون وبنيته وجماله تفضي جميعًا إلى النتيجة نفسها، وهي أن الله موجود" (٤).

وهذا الذي يؤكده العلم وتقبله العقول الصحيحة والفطر السليمة هو الذي يؤكده الإِسلام ويبث ذلك في أهله، ويحققون الوسطية بين التصديق بالواقع


(١) العلم في منظوره الجديد، روبرت وجورج ص ٨، ترجمة د. كمال خلايلي.
(٢) انظر: العلم في منظوره الجديد ص ١٥ - ١٦، وانظر: ص ٥٣ - ٥٤.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٦ وما بعدها، وانظر: ص ٥٥ وما بعدها، وانظر: العلم في نقد العلم .. ، مني فياض ص ١١٩.
(٤) المرجع السابق ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>