للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارز في باب العلوم الاجتماعية المعاصرة، فيذكر أحد المدافعين عن العلمنة دخول هذا المصطلح في الستينات وهي فترة عرف فيها انتشار الفكر اليساري والحداثي فيقول: "فجاء النظر في التراث على اعتبار أنه من أمور الماضي التي ولّت ولا مكان لها في الثقافة العقلية للعصر. واستتبع هذا النظر إلى المفاهيم الإِسلامية العقائدية، كالألوهية والعوالم الروحانية والجن والعفاريت، وأخبار العصور الفائتة، على أنها أساطير -وأصبح ممكنًا النظر إلى قصة إبليس، مثلًا، على أنها قصة مأساوية، تقارب التراجيديا الإغريقية- دونما علاقة بواقع معين. . . . وجاءت أخبار إبراهيم وهود وصالح وغيرهم أخبارًا منسوبة إلى أنبياء ذات أصول عبرية وسومرية وبابلية موظفة في سبيل المشروع السياسي المحمدي. . . ." وغيرها من الأمثلة التي جمعها العظمة عن الرافعين لمفهوم الأسطورة (١).

ولا يمكن عند أصحاب الأسطورة دراسة التراث دون الاعتماد على مفهوم الأسطورة، حتى الإِسلام، فمع وجود من يقول بأن الإِسلام قد أحدث قطيعة مع الأساطير، فإنه مع منظري الأسطورة غير مسلم به، ويضرب "سيد القمني" أمثلة على ذلك تجعل من الإِسلام مثله مثل غيره فيه أساطير، ومما ذكره "حادثة الإسراء والمعراج. . . . هل نرفضها بمنطق رفض اللامعقول؟ أم نبقي عليها بمنطق الإيمان؟. . . . ثم كيف نصنف دابة البراق -التي حملت الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى القدس- تصنيفًا علميًا يضعها ضمن فصيلتها الحية. . . ." (٢)، وقد انطلق في كتابه مقارنًا بين الأساطير، وبين الكثير مما جاء ذكره في الوحي من أخبار الغيب.

وقد نجد في كتابات عربية متغربة أسلوبًا ملتويًا، فهم ينقدون قضايا غيبية


(١) العلمانية من منظور مختلف، د. عزيز العظمة ص ٢٧٢ وما بعدها، وانظر: مضمون الأسطورة في الفكر العربي، د. خليل أحمد ص ٣٠ كنموذج من دارسي الأسطورة، ومن بين المتحمسين لها نجد صادق العظم في كتابه: نقد الفكر الديني ص ٥٨، وانظر كلام الدكتور محمَّد عمارة حول أحد المتبنين لهذا المفهوم من الماركسيين المعاصرين في كتابه: التفسير الماركسي للإسلام ص ٥٨. أما كلمة التراجيديا فهي: (أعمال درامية، شعرية أو نثرية، تتحرك فيها الأحداث باتجاه خاتمة مشئومة أو تتضمن كارثة وبخاصة في المسرح، اشتهرت مع الإغريق)، انظر: التراجيديا والفلسفة، والتر كاوفمان، ترجمة كامل يوسف ص ٩، من كلام المترجم.
(٢) انظر: الأسطورة والتراث، سيد القمني ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>