للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الإسلام لم يأمره بالصيام أو الزكاة , بل بدأ بما هو أهم , من خلال التدرج بالاغتسال , فالتطهر , فالشهادة , ثم الصلاة.

وأيضاً في حواره مع أمه , حينما دعاها إلى الإسلام بدأ بدعوتها إلى النطق بالشهادتين فقال لها:"اشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله " (١) , فلم يبدأ بفروع الدين , بل حرص على الأصل والأهم.

ثالثاً: الاستناد إلى الدليل:

إن المحاور الناجح مَن ثَبَّتَ كلامه وعلمه وآراءه بالدليل والبرهان, فقد ساق مصعب بن عمير - رضي الله عنه - في حواره حين عرض الإسلام ودعا إليه دليلاً يدعم العلم والدين الذي أُرسل من أجله , ومن العجيب أنه - رضي الله عنه - لم يقرأ أي آية , بل اختار ما يناسب الحال , وهذا من ذكائه - رضي الله عنه - , فعندما جاءه سعد بن معاذ - رضي الله عنه - قرأ عليه قول الله تعالى: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} (٢) , يقول السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآيات: " هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين وأطلق، ولم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والدين والآخرة. {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} هذا المقسم عليه، أنه جعل بأفصح اللغات وأوضحها وأبينها، وهذا من بيانه. وذكر الحكمة في ذلك , فقال: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ألفاظه ومعانيه لتيسرها وقربها من الأذهان " (٣).


(١) ابن سعد: الطبقات الكبرى , ٣/ ٨٨.
(٢) سورة الزخرف: آية (١ - ٣). الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد , باب ابتداء أمر الأنصار ... , ٦/ ٤١ , رقم ٩٨٧٦.
(٣) السعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان , ص٧٦٢.

<<  <   >  >>