للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بانتسابه إلى هذا الدين , وأخيراً لم تؤثر فيه عاطفته تجاه أمه عندما بكت , ولم يفكر في التراجع , بل ازداد إصرارا على الثبات والعزة , وأراد من أمه أن تُعِز نفسها وتعلو بذاتها بدخولها الإسلام ولكنها أبت , ولله الأمر من قبل ومن بعد.

سادساً: حسن الاستماع:

إن الفن الحقيقي في الحديث يكمن في حسن الاستماع , فسيجد المحاور قبولاً واحتراماً , وإنصاتاً من مُحاوره إن أوجد ذلك من قبل , ولا يكون حسن الاستماع في عدم مقاطعة الكلام فحسب , فالنظر إلى المتحاور بين الحين والآخر , وتعبيرات الوجه الدالة على الاحترام والتقدير وحسن الإنصات , وكذلك تلك الألفاظ التي تتخلل كلام المحاور والتي توحي إلى الفهم والمتابعة لما يقول, كلها تدل على حسن الاستماع , فهو فن ينبغي على كل محاور أن يتقنه.

وقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروع الأمثلة في حسن الاستماع والإنصات , وما حواره مع عتبة بن ربيعة إلا أكبر برهان على خلقه وعظيم أدبه - صلى الله عليه وسلم - , فقد طلب عتبة من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يسمع منه , فسمع منه - صلى الله عليه وسلم - بكل أدب احترام , مع أن عتبة قد تطاول على النبي - صلى الله عليه وسلم - .... (١).

قال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: " إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأن لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد " (٢).


(١) الغزالي: فقه السيرة , دار الكتب الحديثة , القاهرة , ط٦ , ١٩٦٥م , ص١١٣ , وحسن إسناده الألباني.
(٢) الحافظ الذهبي: مصدر سابق ,٥/ ٨٦.

<<  <   >  >>