للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغات وأوضحها وأبينها، وهذا من بيانه. وذكر الحكمة في ذلك فقال: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ألفاظه ومعانيه لتيسرها وقربها من الأذهان " (١).

رابعاً: الوضوح والبيان:

" إن قوة التعبير وفصاحة اللسان وحسن البيان وجودة العرض , من عوامل نجاح الحوار , ويكون له الأثر الأكبر في إيضاح الفكرة وقبول الطرف الآخر لها ,وربما ضاع الحق لسوء التعبير عنه, وظهر الباطل لفصاحة قائله وبلاغته " (٢).

ففصاحة اللسان مهمة للمحاور الجيد؛ ولكن قد يحيد عنها أحياناً إذا كان الطرف الثاني لا يفهم الفصحى فيحاول أن يحدثه بما يعقل , ويهتم كذلك المحاور ببيان ما يود عرضه بالاقتصاد في السياق وتفصيل الألفاظ على قدر المعاني والدقة في اختيار الأدلة والشواهد الصحيحة الصريحة الواضحة الدلالة والإسهاب والتفصيل في الإجابة عند الحاجة بقصد التوضيح أو زيادة في التأكيد والتثبيت (٣).

ولا شك أن مصعب بن عمير - رضي الله عنه - كان فصيح اللسان , وهذا من طبيعة العرب في ذلك الزمان , وفي بيانه - رضي الله عنه - كان دقيقاً في اختيار الدليل , فيتضح لنا من خلال الآية السابقة أن مصعب بن عمير - رضي الله عنه - قد اختار ذلك الدليل , لأنه يعرف مدى فصاحة العرب وبلاغتهم , ومدى اهتمامهم باللغة العربية من خلال رجز الشعر والنثر , فتفتخر به القبائل وتتباهى به؛ لذلك أتى بهذا الدليل بما يناسب أحوالهم؛ وليعطي ما جاء به قوةً ومتانةً.


(١) السعدي: مصدر سابق , ص٧٦٢.
(٢) زمزمي , يحيى بن محمد: مصدر سابق , ص ٣٢٥.
(٣) المصدر السابق , ص٣٢٥ - ٣٢٦.

<<  <   >  >>