للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكما بأنفسكما حاجة, فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع " (١) , فهذا أسيد بن حضير - رضي الله عنه - , وقف على مصعب بن عمير - رضي الله عنه - يشتمه ويهدده , فما قابل ذلك مصعبٌ - رضي الله عنه - إلا بكلمةٍ طيبةٍ وبأسلوبٍ حسنٍ , فطلب منه الجلوس ليسمع منه , وترفع عن الكلام الفاحش؛ لأنه يعلم أنه طريق لقطع الحوار.

ومع أمه لم يسمع منها إلا ألفاظاً سيئةً وأفعالاً مشينة , ولكنه استمر على خلقه الراقي , وطيبة نفسه , فلاطف أمه واختار أفضل العبارات وأحسنها , فكان مما دار بينهما " إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبْأَةِ بعدُ! ... فأرادت حبسه, ... فقال مصعب - رضي الله عنه -: يا أماه إني لكِ ناصحٌ عليك شفيقٌ " (٢) , فهذه الكلمة الطيبة والعبارات الرنانة لها وزنها ووقعها في القلب , ولا بد أن يجني مصعبٌ - رضي الله عنه - من ورائها ثمرة.

ثانياً: حسن العتاب:

فكما يحرص المحاور على الكلمة الطيبة فهو كذلك يستعمل العتاب أحياناً ولا يكثر منه؛ قال أبو حاتم - رضي الله عنه -: " ... وإن من سوء الأدب كثرة العتاب كما أن من أعظم الجفاء ترك العتاب , والإكثار في المعاتبة يقطع الود ويورث الصد " (٣) , فإذا أصر الطرف الآخر على ارتكاب الخطأ , لزم عتابه بما يصلح خطأه.


(١) ابن هشام: مصدر سابق , ١/ ٤٣٥.
(٢) ابن سعد: مصدر سابق , ٣/ ٨٨.
البستي , محمد بن حبان: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء , (٣) دار الكتب العلمية , بيروت , د. ط , د. ت , ص١٨٢.

<<  <   >  >>