للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويفضل استعمال العتاب في الحوارات الفردية , كأن يكون بين الزوجين أو بين صديقين أو نحوهما , وإلا تحول العتاب إلى توبيخ؛ لأن " العتاب ما كان في خلوة، والتوبيخ لا يكون إلاّ في جماعة " (١) , وقال العلامة محمود الزمخشري: " فإن العتاب مُسافهةٌ متى كان مشافهةً " (٢)؛ لذا يحرص المحاور ألاّ يستعمل هذا الأدب إلاّ في حوارٍ فردي , بعيد عن الأسماع والأنظار , ولا يكثر منه , ولا يجعله ديدنه في كل حوار , وإنما يكون وقت الحاجة. (٣)

لذا فقد استعمل مصعب بن عمير - رضي الله عنه - العتاب في حواره مع أمه , وإنما كان ذلك بأسلوبٍ لطيف , بعد تهديد أمه له بالسجن والتعذيب , ثم كان ذلك في حوارٍ فردي , إذ قال لها: " لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي , قالت: فاذهب لشأنك" (٤) , فهي أرادت حبسه كخطأ تكرر منها سابقاً , ثم عاتبها بتلك الألفاظ , فاستطاع - رضي الله عنه - تعديل ذلك الخطأ , فقد تركته أمه ولم تتعرض له.

ثالثاً: التذكير والوعظ:

إن للقلوب أدوية فعّالة تحييها من أمراضها وتنقذها من ضلالها, ومن ذلك التذكير والوعظ , فقد يكابر الطرف الآخر بعناده , أو تأخذه العزة بالإثم ,


(١) الحارثي , محمد بن علي: قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد , دار الكتب العلمية , بيروت , ط٢ , ١٤٢٦هـ , ٢/ ٣٧١.
(٢) الزمخشري , محمود بن عمرو: الكلم النوابغ , مطبعة وادي النيل , القاهرة , ط١ , ١٢٨٦هـ , ص٢٢.
(٣) ينظر: التميمي , علي محمد: العتاب بين الأصدقاء , الناشر: غير معروف (فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية - الرياض) , ط١ , ١٤٣٢هـ.
(٤) ابن سعد: مصدر سابق , ٣/ ٨٨.

<<  <   >  >>