للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الأمور مجتمعة أسهمت في حفز الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض نموذجها الخاص للديمقراطية الليبرالية في التعامل الدولي، وذلك عبر سياستها الخارجية، على اعتبار أن هذا يندرج في إطار الخروج بالقيم السياسية الأمريكية إلى خارج الحدود الوطنية ونشرها عالميًا، وهو ما يتسق مع تطلعات الشعب الأمريكي؛ إذ إنه ليس هناك من إيمان، فيما يخص السياسة الخارجية الأمريكية، أكثر عمقًا في النفوس من الإيمان الذي عبر عنه نيل لويس Neil Lewis، المراسل الديپلوماسي لجريدة (النيويورك تايمز The New York Times)، بقوله: «إن التوق لرؤية الديمقراطية على الأسلوب الأمريكي وهي تستنسخ في أرجاء العالم كان محورًا دائمًا في السياسة الخارجية الأمريكية» (١).

بيد أن توجهات السياسة الأمريكية تبدو أعقد من مجرد توصيل رسالة أيديولوچية بسيطة، ويمكن ملاحظة ذلك في ربط الأمن القومي الأمريكي بتنمية الديمقراطية الليبرالية في العالم، وربط هذه الأخيرة بالحفاظ على المصالح الأمريكية، وبهذا بات أمن الولايات المتحدة يعني ضمان مصالحها العالمية بضمان الديمقراطية عالميًا من كل خطر.

وفي ضوء ذلك، أضحت الديمقراطية والدفاع عنها هي الشعار المرفوع مرارًا من قبل واشنطن لتسويغ و (تسويق) أي تدخل أمريكي مباشر أو غير مباشر، في عالم ما بعد الحرب الباردة بدءًا من العراق مرورًا بهاييتي والصومال وكوسوفا وصولًا إلى أفغانستان ثم العراق مجددًا (٢).

ولكن رغم أن الجهات الرسمية في الولايات المتحدة تنفي أي تبنٍّ مباشر أو غير مباشر لنظرية فرانسيس فوكوياما، فإن هذا النفي- في الواقع - لا يعتد به من الناحية العملية (٣).

وقد عبر الرئيس چورچ بوش (الابن) George W. Bush أكثر من مرة عن هذا


(١) محمد النقيد: نظرية نهاية التاريخ، ص (٧٦ - ٨) باختصار وتصرف يسير.
(٢) السابق، ص (٩٨).
(٣) السابق، ص (٧٩).

<<  <   >  >>