للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أظنه يخفى ما تحمله هذه الرؤية الهنتنجتونية من مقاصد خفية لنيل التأييد الشعبي للتحركات التوسعية الأمريكية من أجل السيطرة على موارد النفط ولأمركة الشرق الأوسط (التاريخي) وجعله سوقًا كبيرًا تابعًا للغرب .. وهذا من براعة القوم في الصد عن سبيل الله، ويذكرني بفعل أثو دي لاچيري Otho de Lagery، أو البابا أوربان الثاني كما يحلو لهم تسميته، حينما جيَّش الجيوش الهمجية تحت راية الصليب، دافعًا بها لغزو بلاد المسلمين، مرتكزًا على خلفية ثقافية مشوهة كما تقدم الذكر. وحقيقة أعجبني تلخيص الدكتور چورچ قُرم للمسألة في قوله (١): «الدول الغربية عائدة إلى أهوائها الاستعمارية السابقة بغطاء التنظير حول ظاهرة (عودة الدين) والصراع المحتم بين الحضارات» اهـ.

ورصْد المسألة من هذه الزاوية يجعلنا نعير الاهتمام لما تبنته مجلة (المنابر والنصوص الرمزية Tribunes et Décryptages) في عدد ١٤/ ١٢/٢٠٠٥م، من القول بأن «صدام الحضارات لم تكن نظرية بسيطة حول تطور العلاقات الدولية، إنها برنامج أنشأ في داخل مجلس الأمن القومي للولايات المتحدة، وفي الأمن الوطني، وهو مرتبط بالمجتمع الصناعي العسكري الموجه نحو خلق عدو استراتيچي وهمي ودائم، لتبرير الاعتمادات العسكرية المتزايدة وتحفيز مبدأ التدخلية العسكرية في المناطق ذات الاحتياطات الپترولية الهائلة، وسهلة الاستخراج والاستثمار. وحول هذه القاعدة فقد تم ابتداع، وبشكل مخادع، مؤامرة إسلامية عالمية واسعة، في حرب ضد الغرب. واعتبرت أحداث ١١ سپتمبر ٢٠٠١م بمثابة إعلان حرب ذات آلية استراتيچية مساوية للحرب الباردة، وإن (القاعدة) تمثل تهديدًا مشابهًا لما كان يمثله الاتحاد السوفيتي (لا بل أكثر خطورة) على النظام الدولي» (٢).


(١) د. چورچ قُرم: المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين، ص (١٤) بتصرف يسير. Georges Corm: La Question Religieuse au XXIe Siècle
(٢) انظر نص المقال على الرابط: www.voltairenet.org/article١٣٢٥٢٤.html، والترجمة العربية نقلناها من: تأثير الخلافات الأمريكية-الأوروپية على قضايا الأمة العربية، للدكتور ناظم الجاسور، انظر ص (٤٨ - ٩).

<<  <   >  >>