للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جذورًا في أي منهما. وقد خرج العبرانيون من مصر أو هاجروا منها (عام ١٦٤٥ق. م) ليبدأوا فترة أخرى من التجوال في سيناء انتهت بالتغلغل العبراني في كنعان (عام ١١٨٩ق. م) الذي أعقبته فترة من الاستقرار النسبي بعد قيام اتحاد القبائل العبرانية في شكل المملكة العبرانية المتحدة ثم المملكتين العبرانيتين: المملكة الشمالية [يسرائيل] والمملكة الجنوبية [يهودا]. وقد انتهت هذه المرحلة بالتهجير الآشوري [من يسرائيل] ثم التهجير البابلي [من يهودا].

وبعد هذه المرحلة، ينتهي التهجير ليبدأ اليهود في الانتشار في بقاع الأرض بوصفهم جماعات يهودية لا يربطها رابط سوى الانتماء إلى العقيدة الدينية الإثنية نفسها. وتبدأ هذه المرحلة حين فضلت أعداد كبيرة من اليهود الاستمرار في بابل مُكوِّنةً بذلك نواة أول جماعة يهودية تستقر خارج فلسطين بعد مرحلة التهجير البابلي ... ثم قامت الإمپراطورية اليونانية بفرض هيمنتها على أجزاء كبيرة من البحر الأبيض والشرق الأدنى القديم (٣٣٢ق. م)، وهو ما يسَّر عملية انتقال اليهود وانتشارهم، فاستقرت أعداد كبيرة منهم في مصر، وفي الإسكندرية على وجه الخصوص. كما استقروا في برقة وقبرص وآسيا الصغرى. وقد بدأ الانتشار في أوروپاالغربية في تلك المرحلة أيضًا.

وحين قضى الرومان على فلسطين كإحدى نقاط تَجمُّع الجماعات اليهودية وأحد مراكزها، وحتى حين هدم تيطس الهيكل (عام ٧٠م)، لم يؤثر ذلك كثيرًا في حركة تدفُّق اليهود أو على شكلها، إذ إنها بدأت على أية حال قبل ذلك التاريخ، حيث استمر تَدفُّق اليهود خارج فلسطين وإلى مختلف البلدان، خصوصًا إلى أوروپاوحوض البحر الأبيض المتوسط» (١).

يؤكد على هذه الحقيقة الباحث الأمريكي إيان لوستك بقوله (٢): «كان عدد كبير من اليهود يقيم خارج أرض إسرائيل منذ أمد بعيد يسبق قضاء الرومان على استقلال اليهود في فلسطين وقتلهم أو طردهم معظم السكان اليهود المقيمين فيها» اهـ.


(١) السابق (٢/ هجرات أعضاء الجماعات اليهودية حتى بداية العصر الحديث) باختصار وتصرف يسير.
(٢) إيان لوستك: الأصولية اليهودية في إسرائيل، ص (٢٦). Ian S. Lustick: For the Land and the Lord: Jewish Fundamentalism in Israel

<<  <   >  >>