للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخرى، إذ كانوا يتنافسون فيما بينهم في المجالات نفسها ومن أجل المزايا نفسها التي يحصلون عليها من خلال المواثيق. ومن هنا كان لكل جيتو حق حظر الاستيطان، وهو حق منع أي يهودي آخر من القدوم إلى الجيتو والإقامة فيه إلا بإذن خاص ولمدة محددة ونظير أجر معيَّن (١).

وتجدر الإشارة كذلك إلى وجود اختلاف واضح بين المكانة الاجتماعية لكل من الغني والفقير داخل جدران الجيتو؛ فكان أغنياء اليهود هم الذين يقومون بالهيمنة على كل شئون الطائفة اليهودية، وكان موكلًا بهم النهوض بالأعباء المالية الملقاة على عاتق الجيتو، وفي مقدمتها جباية الضرائب التي كانت تفرضها الحكومة على اليهود ككل، بالإضافة إلى الهيمنة على المصاريف الداخلية المتمثلة في تكاليف الإنفاق على المعبد والمقابر وإعانات الفقراء ودفع أجور الموظفين.

ولم تكن نظرة مؤسسات السلطة تجاه التاجر اليهودي الغني مثل نظرتهم إلى اليهودي الفقير، فكانت الطبقة الفقيرة تعاني من المضايقات والأضرار مضاعفة من تلك التي شعر بها أغنياء اليهود، ويرجع ذلك إلى أن اليهود الأغنياء استطاعوا بسلطان المال أن يتقربوا إلى الحكام ليحصلوا على الإعفاء من تطبيق الكثير من القوانين (٢). يؤكد هذا إسرائيل شاحاك بقوله (٣): «ونلاحظ أن الطبقة الحاخامية كانت تتحالف مع اليهود الأثرياء في اضطهاد اليهود الفقراء من أجل مصالحهم الشخصية، إضافة إلى مصالح الدولة التي هي التاج والنبلاء».

كذلك فإن العائلات اليهودية الواسعة الثراء استطاعت أن تتخطى أسوار الجيتو وأن تسكن في القصور الفاخرة في الأحياء الراقية من المدن (٤).

كل ذلك أدى في نهاية الأمر إلى «تأصيل خاصية الحقد وكراهية الآخرين في كيان يهود الجيتو حتى أصبحت ضمن مكونات شخصياتهم، فامتلأت نفسياتهم بالحقد على


(١) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٤/ بنية الجيتو).
(٢) د. سناء عبد اللطيف: الجيتو اليهودي، ص (٢٣٠ - ١) باختصار وتصرف يسير.
(٣) إسرائيل شاحاك: اليهود واليهودية، ثلاثة آلاف عام من الخطايا، ص (٩١).
(٤) د. سناء عبد اللطيف: الجيتو اليهودي، ص (٢٣٢ - ٣) باختصار وتصرف يسير.

<<  <   >  >>