للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من فوق وما في الأرض من أسفل وما في الماء من تحت الأرض. ولا تسجد لها ولا تعبدها لأني أنا الرب إلهك إله غيور لا أنسى ذنوب الآباء في البنين إلى الجيل الثالث والرابع من الذين يُغضبونني» (١).

وعلَّق لوثر نسخة أخرى من وثيقته على باب كنيسة القلعة في فتنبرج، الأمر الذي اعتُبر بمثابة الشرارة الأولى لتأسيس المذهب الپروتستانتي. وفي الوقت ذاته نشط في تأليف الكتب التي تعلن مبادئه، والتي أصبحت حديث الطبقة المتعلمة في ألمانيا مما زاد في التفاف الناس حوله.

ولكن لم يُجِب ألبرخت على رسالة لوثر، فكان هو نفسه ممن ينتفعون ببيع صكوك الغفران في تسديد الديون التي طوقته نتيجة دفعه المستمر للرشاوى - وذلك بعلم البابا -، ولكنه دفع في المقابل بالرسالة إلى روما للنظر فيما تحتويه من هرطقة.

وجاء رد البابا خلال السنوات الثلاثة اللاحقة متراخيًا وغير حازم، وكان مما وصف به لوثر في عام ١٥١٨م أنه «ألماني ثمل سيعود إلى رشده حين يفيق». ولكن حينما راجت دعوته واشتد خطرها أرسل إليه في الخامس عشر من يونيو ١٥٢٠م مرسوم (تجلى أيها الرب Exsurge Domine) يهدده فيه بالحرمان إن لم يرجع عن واحد وأربعين مبدأ من مبادئه وذلك خلال ستين يومًا من نشر المرسوم وتوزيعه في المناطق المجاورة. يقول المرسوم: «قم يا رب واحكم في قضيتك، إن خنزيرًا يقتحم كرمك. قم يا بطرس وتبصر في قضية الكنيسة الرومانية المقدسة أم الكنائس المكرسة بالدم. قم يا پولس يا من بتعليمك وموتك أنرت وتنير الكنيسة. قوموا يا كل القديسين وكل الكنيسة التي هوجم تفسيرها للكتاب المقدس». وما كان من لوثر إلا أنه قام في اليوم الستين (١٠ ديسمبر ١٥٢٠م) بحرق ثلاث مجلدات من القانون الكنسي وبعض كتابات فلاسفة القرون الوسطى، ثم ألقى بالمرسوم البابوي فوق لهيب النار وسط الجموع الحاشدة في فتنبرج قائلًا: «ليت هذه النيران تهلكك [أي البابا] لأنك اعترضت حق الله» (٢). وجاء رد البابا على ذلك بإصداره


(١) التثنية ٥: ٨ - ٩
(٢) انظر، ملحق كتاب (كيف نفهم الأصولية الپروتستانتية والإيفانجليكية)، لچورچ مارسدن، ص (١٥٥).

<<  <   >  >>