للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنهم يريدون تنصير اليهود بالقوة والتعذيب، في حين أن الرب يقاومهم».

وعلى عكس الثقافة السائدة آنذاك، لم يتهم لوثر اليهود على وجه الخصوص بأنهم هم قتلة المسيح، ولكن كان يرى أن أخطاء البشرية جمعاء هي التي أدت إلى مقتله.

ويمكن لنا تحليل موقف لوثر من خلال تقسيم كتاباته المتعلقة باليهود وفقًا إلى حقبتين متميزتين: ما قبل عام ١٥٣٧م وما بعده؛ ففي عام ١٥٢٣ صنَّف لوثر رسالته (أن عيسى ولد يهوديًا Dass Jesus ein Geborner Jude Sei)، وكانت الدوافع التي أدت بلوثر إلى تأليفها، كما يذكر چيمس سوان (١)، هي اتهامه من قبل خصومه أنه ينكر الميلاد المعجز للمسيح - عليه السلام -، وترويجهم لإشاعة تقول إن لوثر يدعي [كما يدعي اليهود لعنهم الله] أن المسيح هو ابن يوسف النجار (٢). فألف لوثر رسالته وأعلن أنه سيبرئ نفسه مما نسب إليه بإثباته عن طريق مخطوطات التوراة أن المسيح ولد بمعجزة من مريم العذراء، وقال إنه «لعله بفعله هذا يكسب بعض اليهود للدخول في النصرانية» (٣).

ولقد بدت أهداف لوثر التبشيرية في هذه الرسالة واضحة، حيث لم يكن هدفه مجرد إثبات زيف ادعاءات خصومه، بل من أجل مصلحة اليهود أراد إثبات أن المخطوطات قد بشرت بعيسى وبالإنجيل. وكان مما قاله (٤): «لنبدأ مع اليهود بالرضاعة، وذلك بتعريفهم أن هذا الرجل يسوع هو المسيح الحقيقي، ثم بعدها بإمكانهم شرب النبيذ، ويتعلموا أنه كذلك هو إله حقيقي. بسبب ضلالهم الطريق لمدة طويلة وجب علينا التعامل معهم برفق، فهم كمن لُقِّن بصرامة إستحالة كون الإله إنسانًا (!)».


(١) James Swan: Martin Luther's Attitude Toward the Jews, ch. VI (١٥٢٣: Luther's Book "Jesus Christ was Born a Jew")
(٢) يذكر اليهود - قاتلهم الله - في تلمودهم، أن المسيح - عليه السلام - هو «نجار ابن نجار»، وغيرها من الصفات التي قصدوا بها التحقير والازدراء؛ يقول آي. بي. پرانايتس: «يُعلِّم التلمود أن يسوع المسيح كان ابنًا غير شرعي، حملته أمه خلال فترة الحيض، وأنه مجنون ومشعوذ مضلل، صُلِب ثم دفن في جنهم، فنصبه أتباعه منذ ذاك الحين وثنًا لهم يعبدونه». [انظر، آي. بي. پرانايتس: فضح التلمود، ص (٥٥) وما بعدها].
(٣) Luther's Works ٤٥:١٩٩
(٤) ibid., ٤٥:٢٢٩

<<  <   >  >>