للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقول باربرا تخمان (١): «وأيًا كان ما حدث، ففي العاشر من ديسمبر عام ١٦٥٥م جمع كرومويل لجنة من القضاة ورجال الدين والتجار للنظر في طلب مناسح (٢). وعلى مدى أربعة عشر يومًا، ظل أعضاء اللجنة منقسمين بين معارض ومؤيد. ولم يتفقوا سوى على أنه لا يوجد سبب قانوني يمنع دخول اليهود إلى إنجلترا ... أما فيما يختص بشروط وشكل تواجد اليهود وإقامتهم، فقد ظلوا غير متفقين؛ فكان رجال الدين الذين كانوا يريدون عودة اليهود يقولون بأن الناس الطيبين في إنجلترا كانوا يصدقون في عودة المسيح، ويصلون من أجلها أكثر من أي شعب آخر، وأنه يجب السماح لليهود بالدخول لأجل تحقيق ظهور المسيح أو التحول، وأنه يجب على إنجلترا أن تكفر عن ذنوبها تجاه اليهود الذين هم أقارب المسيحيين بالدم، وإن لم يكن بالروح والإيمان، وينحدرون من نفس الأب إبراهام.

وكان التجار ضد هذا الأمر بشدة، فقد نشر عملاء الهولنديين والإسپان إشاعات عن العواقب الوخيمة لدخول اليهود، والمتمثلة في أن تجارة اليهود ستثري الغرباء وتفقر الإنجليز. وقالوا: إنه فيما يختص بالتحول، فإن الأحرى أن ما سيحدث هو تحول المسيحيين إلى اليهودية وليس العكس، بفعل ميل الشباب الإنجليزي للدعوات الجديدة. وفي نهاية الأمر، لم يُتفق إلا على السماح بعودة دخول اليهود إلى إنجلترا، ولكن بشروط مقيدة ماليًا وتجاريًا، مما جعل الأمر عديم الجدوى لكرومويل ... أما بالنسبة لمناسح، فلم تكن التسوية تعد نجاحًا مرضيًا على الإطلاق. وعاد إلى هولندا مُسِنًّا ومفلسًا ومهزومًا، وبعد أقل من عامين مات عن ثلاثة وخمسين عامًا، وربما بسبب كسر قلبه ... ونتيجة لغياب الحل الحاسم، لم يهاجر الكثير من اليهود إلى إنجلترا. ولكن في عام ١٦٥٦م، حين دخلت إنجلترا حربها مع إسپانيا، تمكن المارانو من الخروج من تنكرهم الإسپاني وسُمح لهم برغم القلاقل المثارة حولهم بإقامة معابد علانية، كما سُمح لهم


(١) السابق (١/ ١٦٥ - ٨) باختصار وتصرف يسير.
(٢) تذكر ريچينا الشريف أن المؤتمر المنعقد هو مؤتمر وايت هول Whitehall Conference، والذي عُقد في الفترة من ٤ إلى ١٨ ديسمبر عام ١٦٥٥م لبحث شرعية وظروف تلك العودة. [انظر، د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (٤١ - ٢)].

<<  <   >  >>