للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٧٩٦ - ١٨٥٥ م] سقوط الإمپراطورية العثمانية أملًا في أن يمهد ذلك لها الطريق للتوسع في اتجاه البلقان. ومع بداية القرن التاسع عشر كانت قوة روسيا في المنطقة تنذر بالخطر، لا بسبب وجود أسطولها في البحر الأسود فحسب، بل لأنها كانت قد احتلت بعض أراضي الإمپراطورية العثمانية على أثر سلسلة من الحروب (الروسية-التركية). فضلًا عن ذلك، فإن روسيا كانت قد حصلت على حق حماية مصالح جميع رعايا السلطان من الأرثوذكس» (١).

ولذلك كان عظيم الأثر في بروز فكرة البعث القومي اليهودي من جديد بقوة في الثقافة الغربية الأوروپية، خاصة أنه كان «أكثر الأوقات ملاءمة من الناحية السياسية؛ فخلال القرن التاسع عشر أصبح الوجود اليهودي في فلسطين، بغض النظر عن دلالاته النبوئية الدينية السابقة، ودلالاته في مناصرة النفعية والسامية، قضية سياسية بالنسبة للدول الأوروپية التي كانت تصبو إلى التوسع فيما وراء البحار، وإقامة الإمپراطوريات. وتم ربط الأفكار الدينية والإنسانية بذكاء مع السياسة الواقعية القائمة على الحصول على نفوذ في الشرق الأدنى أو تقويته. وأصبحت السلطات الدينية والدنيوية تتاجر بالأفكار الصهيونية، نظرًا لجدواها المحتملة في الوضع السياسي السائد. ووجدت فلسطين نفسها تدور فجأة في فلك السياسة الأوروپية وواقعة تحت قوى النفوذ المتصارعة للدول الرئيسة جميعًا (وهي فرنسا وبريطانيا وروسيا)، وكان ذلك تحت شعار (المسألة الشرقية The Eastern/Oriental Question)» (٢) .

وكانت الكتلة اليهودية الأوروپية قد بلغ تعدادها في العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر الميلادي مليونًا وسبعمائة وخمسين ألفًا (من جملة مليونين ومائتين وخمسين ألفًا) (٣)، مما جعل القوى السياسية الأوروپية تنظر إليها على أنها ثروة بشرية ثمينة من


(١) السابق، ص (٧٩).
(٢) السابق، ص (٧٨ - ٩) بتصرف يسير. والمسألة الشرقية هي مسألة تتعلق بوجود العثمانيين المسلمين في أوروپاومحاولة الدول الأوروپية الكبرى طردهم منها وتصفية أملاكهم.
(٣) انظر، د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٣/ عصر الاستنارة (القرن الثامن عشر)).

<<  <   >  >>