للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحقيق فكرة ربط يهود العالم كلهم في پرلمان واحد، وكان هذا عن طريق المؤتمرات اليهودية التي كان هرتزل أول من دعا إليها وأول من حققها. فكانت تلك المؤتمرات الصهيونية العالمية التي تعقد كل عام، أو كلما دعت إليها الضرورة، والتي كان يحضرها ممثلون عن يهود العالم أجمع، هي الپرلمان اليهودي العام الذي ربط بين اليهود بعضهم ببعض، على اختلاف بلدانهم وتراخي ديارهم».

وكما يقول ياكوف رابكن (١): «تقدم الصهيونية إذن إلى مؤسسيها الأوائل أملًا برفض الاندماج الفردي لحساب رؤيا كلية لاندماج جماعي، وتوحيد الشعب اليهودي» اهـ.

ويظهر أن هرتزل قد توصل إلى فكرته القومية من خلال معرفته بالفكر والحضارة الألمانية التي ينتمي إليها (وهذا ما ذهب إليه الزعيم الصهيوني ناحوم جولدمان Nahum Goldmann (١٨٩٥ - ١٩٨٢ م))؛ إذ يرى الألمان أن جميع الأشخاص المنحدرين من العرق الألماني، أو الذين تربطهم قرابة الدم بالأصل الألماني يكون ولاؤهم الأول لألمانيا، ويجب أن يصبحوا مواطنين في الدولة الألمانية، وطنهم الحقيقي. وحتى إذا كانوا قد نشأوا وترعرعوا، هم وآبائهم وأجدادهم تحت سماوات أجنبية أو بيئات غربية، فإن حقيقتهم الأساسية تبقى ألمانية.

لذا، يمكن القول بأن الحركة الصهيونية بدأت تاريخها مع اكتشافها لليهود كـ (فولك Volk) أو كشعب عضوي: كيان جماعي له تاريخه الخاص وتراثه الحضاري المتميز بل وسماته البيولوچية الخاصة به (٢)، وكما يقول رابكن (٣): «لم تكن الصهيونية لتنجح إلا بإضافة جانب عرقي إلى ظاهرة العلمنة العامة مع ذلك» اهـ.

ولكن هرتزل يتجاوز في كتيبه عن الأسباب الواقعية وراء العداء الغربي للسامية، ويشخصها على أنها مسألة أبدية لا حل لها، فتجده يقول (٤): «إن المسألة اليهودية توجد


(١) ياكوف رابكن: المناهضة اليهودية للصهيونية، ص (٢٦).
(٢) انظر، د. عبد الوهاب المسيري: الپروتوكولات واليهودية والصهيونية، ص (١٥٣ - ٤).
(٣) ياكوف رابكن: المناهضة اليهودية للصهيونية، ص (٢٧).
(٤) ثيودور هرتزل: الدولة اليهودية، ص (٥٩).

<<  <   >  >>