للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التبرع ببعض أموال النداء اليهودي الموحد لإنقاذ اليهود فإن إجابته ستكون «كلاَّ ثم كلاَّ» بشكل قاطع. وأضاف: «يجب أن نقاوم هذا الاتجاه نحو وضع النشاط الصهيوني في المرتبة الثانية ... إن بقرة واحدة في فلسطين أثمن من كل اليهود في پولندا». وكان وايزمان قد عبَّر عن نفس الفكرة النفعية عام ١٩٣٧م حينما قال: «إن العجائز سَيَمُتْن، فهنَّ تراب وسيتحمَّلْن مصيرهنَّ، وينبغي عليهنَّ أن يفعلن ذلك».

وانطلاقًا من هذه الرؤية المتمركزة حول المشروع الصهيوني وليس الإنسان اليهودي، أدَّت الحركة الصهيونية دورًا حاسمًا في تدمير جميع المحاولات الرامية إلى توطين اليهود في أماكن مختلفة من العالم، حتى يضمن الصهاينة تدفق المادة البشرية اليهودية على فلسطين. ولهذا، التزمت جولدا مائير، مندوبة الحركة الصهيونية في فلسطين، الصمت الكامل حيال مداولات مؤتمر إفيان Evian Conference (٦ - ١٥ يوليو ١٩٣٨م) باعتبارها أمرًا لا يخصها، وقد فسَّرت موقفها هذا فيما بعد، بأنها لم تكن تدري شيئًا عن عمليات الإبادة النازية!!

وقد اكتشف النازيون أيضًا عمق تناقض مصالح الصهاينة مع اليهود واتفاق الموقف النازي مع الموقف الصهيوني؛ فاليهودي الصهيوني الذي يخدم هويته العضوية هو شخص يستحق الاحترام، على عكس اليهودي المتألمن المندمج الذي يتمسح في الهويات العضوية للآخرين ولا ينجح بطبيعة الحال في اكتسابها، لأنه حبيس هويته اليهودية، شاء أم أبى. ولعل هذا يُفسِّر السبب في أن النازيين اعتبروا أن عدوهم الحقيقي هو اليهود الأرثوذكس والجماعة المركزية للمواطنين اليهود من أتباع العقيدة اليهودية. ولعله يفسر أيضًا لم كانت علاقة الدولة النازية بالمنظمات الصهيونية تتسم بشيء من الود والتفاهم؛ فبينما كان الأرثوذكس والإصلاحيون يطالبون بمنح اليهود حقوقهم كمواطنين، وباندماجهم في مجتمعاتهم، كان الصهاينة يعارضون الاندماج ويعارضون منح اليهود أي حق، إلا حق الهجرة إلى الوطن القومي اليهودي.

لكل هذا قام النظام النازي بتشجيع النشاط الصهيوني ودعم المؤسسات الصهيونية

<<  <   >  >>