للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيًا كان الأمر، فإن هذه الفروقات، أي كون القوم ساميين أم لا، لا تفيد الكثير من زاوية الرصد العامة التي نرصد بها الوضع السائد المتغاضى عنه، وكما تذكر هالسل، «فإن العديد من اليهود الصهيونيين يقولون إنهم مسرورون لتصرف المسيحيين بهذه الحرارة. إنهم ينسبون الفضل إلى المسيحية الصهيونية في مساعدة الصهيونية اليهودية الحديثة لتحقيق هدفها: خلق دولة يهودية حيث لا يرحب بغير اليهودي مواطنًا فيها»، وتبرهن على ذلك بقولها: «في السادس من فبراير ١٩٨٥م، ألقى سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu خطابًا أمام المسيحيين الصهاينة قال فيه: "لقد كان هناك شوق قديم في تقاليدنا اليهودية للعودة إلى أرض إسرائيل، وهذا الحلم الذي يراودنا منذ ٢٠٠٠ سنة، تفجر من خلال المسيحيين الصهيونيين"، وقال كذلك: "المسيحيون ساعدوا على تحول الأسطورة الجميلة إلى دولة يهودية"» اهـ (١).

ولكن لا نغفل عن التذكير بأن الذي دعم بقوة الخطوات العملية نحو التعجيل بوقوع (المؤشر الثالث) هو - كما تصف هالسل - تجاوز شهرة عقيدة هرمجدون (٢) ما يسمى


(١) جريس هالسل: النبوءة والسياسة، ص (١٦٠ - ١) بتصرف يسير. وأعطيكم مثالًا على ذلك الشوق القديم لأحفاد القِرَدة!؛ فعندما قال لهم موسى - عليه السلام -: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} ماذا قالوا؟ {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} ثم قالوا: {يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢١، ٢٢، ٢٤].
(٢) معركة هرمجدون: عقيدة (مسيحية/يهودية)، جاء ذكرها بسفر الرؤيا (١٦: ١٦)، وهي تنبئ بحدوث معركة كونية فاصلة في نهاية الزمان بين قوى الخير والشر، وسوف تقوم تلك المعركة في فلسطين في منطقة وادي مجدو. تعلق جريس هالسل فتقول: «ينظر القدريون [أي الإنجيليون] نظرة ضيقة لله وللبلايين الستة من البشر على الأرض. إنهم يعبدون إلهًا قبليًا لا يهتم إلا بشعبين فقط هما اليهود والمسيحيون. ويقولون إن كل ما هو مهم لهم كمسيحيين يتمحور حول إسرائيل. إنهم يتمسكون بفكرة تقول: إن الله وضع اليهود على مسار (أرضي)، ووضع المسيحيين على مسار (سماوي). أما الباقون من البشر فإن شاشة الرادار الإلهي (!) لا تسجل وجودهم إلى أن يدعوهم الله للتقدم إلى محرقة هرمجدون» اهـ[جريس هالسل: يد الله، ص (١٠٩) باختصار].

<<  <   >  >>