للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما يدوَّن في كتب المبتدعة من ادعاء أنه أهان نساء آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنهن أُخِذن إلى الشام مسبيات، وأُهِنَّ هناك ... فهذا كله كلام باطل لا أصل له، يقول شيخ الإسلام (١): «إن يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، والحسين - رضي الله عنه - كان يظن أن أهل العراق ينصرونه ويفون له بما كتبوا إليه (٢)، فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل، فلما قتلوا مسلمًا وغدروا به وبايعوا ابن زياد أراد الرجوع، فأدركته السرية الظالمة، فطلب أن يذهب إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر أو يرجع إلى بلده، فلم يمكنوه من شيء من ذلك حتى يستأسر لهم، فامتنع فقاتلوه حتى قتل شهيدًا مظلومًا - رضي الله عنه -، ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره، ولم يسب له حريمًا أصلًا، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلدهم».

كذلك يقول رحمه الله (٣): «وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله، أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صَرْفًا ولا عَدْلا».

ويقول الحافظ ابن كثير (٤): «قد أخطأ يزيد خطأ فاحشًا في قوله لأميره مسلم بن عقبة في وقعة الحرَّة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، وهذا خطأ كبير فاحش، مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم» اهـ.

ولكن صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أول جيش من أمتي يركبون البحر قد أوجبوا، وأول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم» (٥)، وكان هذا الجيش بقيادة يزيد بن معاوية، وذلك - كما يذكر ابن حجر - سنة ٥٢هـ (٦).

فخلاصة القول: أن أمره إلى الله تبارك وتعالى، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية


(١) ابن تيمية: منهاج السنة (٤/ ٤٧٢).
(٢) ولكنهم كما قال عنهم الفرزدق الشاعر (٣٨ - ١١٠هـ) للحسين - رضي الله عنه -: «القلوب معك والسيوف مع بني أمية». [ابن كثير: البداية والنهاية (٨/ ١٦٧)].
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٤/ ٤٨٧) باختصار.
(٤) ابن كثير: البداية والنهاية (٨/ ٢٢٢).
(٥) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير: ٢٩٢٤
(٦) انظر، ابن حجر: فتح الباري (٦/ ١٠٢ - ٣).

<<  <   >  >>