للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صرد - رضي الله عنه -، وادعى أن لديه تفويضًا بذلك من محمد بن علي بن أبي طالب الملقب بمحمد بن الحنفية، وكان على جانب من الذكاء والفطنة مراوغًا ماكرًا غير صادق في تشيعه، بل قرر أن يركب تيار التشيع ليصل إلى هدفه وهو الحكم والسلطان بأي وجه. وإليه تنسب الفرقة الكيسانية، ولقب كيسان المنسوب إليه مختلف في أصله، يقول عبد القاهر البغدادي (ت. ٤٢٩هـ) (١): «وكان المختار يقال له كيسان، وقيل إنه أخذ مقالته عن مولى لعلي - رضي الله عنه - كان اسمه كيسان».

ويقول النوبختي (٢): «وهو [المختار] الذي طالب بدم الحسين بن علي وثأره، حتى قتل قتَلَتَه ... وادَّعى أن محمد بن الحنفية أمره بذلك، وأنه الإمام بعد أبيه. وإنما لقِّب المختار كيسان بصاحب شرطته المكنى بأبي عمرة، وكان اسمه كيسان، وكان أشد إفراطًا في القول والفعل والقتل من المختار، وكان يقول إن محمد بن الحنفية وصي علي بن أبي طالب، وإنه الإمام، وإن المختار وصي محمد بن الحنفية وعامله» اهـ.

قال ابن كثير (٣): «لما رجع أصحاب سليمان بن صرد مغلوبين إلى الكوفة وجدوا المختار بن أبى عبيد مسجونًا فكتب إليهم يعزيهم في سليمان بن صرد ويقول: أنا عوضه، وأنا أقتل قتلة الحسين، فكتب إليه رفاعة بن شداد وهو الذي رجع بمن بقي من جيش التوابين: نحن على ما تحب. فشرع المختار يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا، وقال لهم فيما كتب به إليهم خفية: أبشروا، فإني لو قد خرجت إليهم جردت فيما بين المشرق والمغرب من أعدائكم السيف فجعلتهم بإذن الله ركامًا وقتلهم أفرادًا وتوأما، فرحب الله بمن قارب منهم واهتدى، ولا يبعد الله إلا من أبى وعصى. فلما وصلهم الكتاب قرءوه سرًا وردوا إليه إنا كما تحب، فمتى أحببت أخرجناك من محبسك (٤)، فخرج واجتمعت الشيعة عليه وكثر أصحابه وبايعوه في السر».


(١) عبد القاهر البغدادي: الفرق بين الفِرَق، ص (٢٧).
(٢) النوبختي: فرق الشيعة، ص (٣٣ - ٤).
(٣) ابن كثير: البداية والنهاية (٨/ ٢٦٤) بتصرف يسير.
(٤) كان قد حبسه عبيد الله بن زياد وضربه مائة جلدة لعزمه على نصرة مسلم بن عقيل، فأرسل ابن عمر - رضي الله عنه - إلي يزيد بن معاوية يتشفع فيه، فأرسل يزيد إلى ابن زياد فأطلقه.

<<  <   >  >>